للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعترض بأن هذه الأحاديث لا تصح عن رسول الله .

قال الباجي (١): وَسُئِلَ مَالِكٌ أَيُكْرَهُ، لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ لِأَخِيهِ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ الْعِيدِ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك، وَغَفَرَ لَنَا وَلَك، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَخُوهُ مِثْلُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا يُكْرَهُ.

قال أبو داود (٢): سمعت أحمد سئل عن قولهم يوم العيد: تقبل الله منا ومنك؟ قال: أرجو أن لا يكون به بأس.

وسئل شيخ الإسلام (٣): هَلْ التَّهْنِئَةُ في الْعِيدِ وَمَا يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ: «عِيدُك مُبَارَكٌ» وَمَا أَشْبَهَهُ هَلْ لَهُ أَصْلٌ في الشَّرِيعَةِ؟ أَمْ لَا؟ وَإِذَا كَانَ لَهُ أَصْلٌ في الشَّرِيعَةِ فَمَا الَّذِي يُقال؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ.

فَأَجَابَ: أَمَّا التَّهْنِئَةُ يوم الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إذَا لَقِيَهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ: (تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَأَحَالَهُ اللَّهُ عَلَيْك) وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهَذَا قَدْ رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصحابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ، وَرَخَّصَ فِيهِ الْأَئِمَّةُ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ. لَكِنْ قال أَحْمَد: أَنَا لَا أَبْتَدِئُ أَحَدًا فَإِنْ ابْتَدَأَنِي أَحَدٌ أَجَبْته، وَذَلِكَ لِأَنَّ جَوَابَ التَّحِيَّةِ وَاجِبٌ، وَأَمَّا الِابْتِدَاءُ بِالتَّهْنِئَةِ فَلَيْسَ سُنَّةً مَأْمُورًا بِهَا وَلَا هُوَ أيضًا مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ، فَمَنْ فَعَلَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ وَمَنْ تَرَكَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلم.

الحاصل: أنه لا بأس أن يقول الرجل لأخيه «تقبل الله منا ومنك» أو «عيد مبارك» أو ما أشبه بذلك. ولكن لا يسن ذلك؛ لأنه لم يصح في هذا الباب عن النبي شيء والله أعلم.

* * *


(١) «المنتقي» (١/ ٣٢٢).
(٢) «سؤالات للإمام أحمد» رقم (٤٣٦).
(٣) «الفتاوى» (٢٤/ ٢٥٣).

<<  <   >  >>