للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَقِينا فِي الحيواناتِ الأُخْرَى الماشية والزاحفةِ، هل تدخل فِي هَذَا من بابِ أَولى ونَقُول: إنَّهُ إذا حُشِرَتِ الطيورُ الَّتِي لا يمكن السيطرةُ عليها فغيرها من باب أولى، أو نَقُول: إن سُلَيْمَان عَلَيْهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ما كَانَ يَستعمِل إِلَّا الطيور فقط؛ لِأَنَّهُ يستخدمها لمصالحه؟

هو مَحَلُّ إشكالٍ عندنا، فالآن نَقُول: سكتَ عن بقيَّة الحيوانات، فهل هِيَ داخلة فِي جُنُودِهِ أو لا؟ قد تقولُ: إنَّهَا داخلة من باب الأَولى، وقد نَقُول: ليست بداخلةٍ.

ما وجه قولنا: من باب الأولى؟

وجه قولنا أن نَقُول: إذا كَانَ الطيرُ وَهُوَ لا يمكن السيطرةُ عليه لِطَيَرَانِهِ يُحْشَر ويُجْمَع فغيرُه من باب أولى، وقد تقول: إنَّهُ لَيْسَ بلازِمٍ؛ لِأَنَّهُ يمكن أن سُلَيْمَان - صلى الله عليه وسلم - لا يستخدم من الحيوانات سِوَى الطيرِ، وإذا لم يَسْتَخْدِمْ سواها فلا حاجةَ له فِي أن يجمعَ الباقيَ.

قوله: {فَهُمْ يُوزَعُونَ} يَقُول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [يُجْمَعُونَ ثُمَّ يُساقونَ]، وهَذَا أيضًا منَ التنظيمِ {فَهُمْ يُوزَعُونَ} يُساقون يعني منظمينَ فِي جَمْعِهِمْ وسَيْرِهِمْ، فيُجمعونَ أولًا، وبعدَ أنْ يُجْمَعُوا يُوَزَّعُون فيُساقون عَلَى وجهٍ مُنَظَّمٍ. وهَذَا لَا شَكَّ أَنَّهُ منَ التنظيمِ الَّذِي يحفظ عَلَى النَّاس الوقتَ والعَمَلَ؛ لِأَنَّ أكثرَ ما يُضَيِّعُ وقتَ الْإِنْسَانِ وعَمَلَه هُوَ عَدَمُ التنظيمِ.

ولهَذَا أقول: إِنَّهُ يَنبغي أنْ يَكُونَ عندَنا تنظيمٌ لأعمالِنا اليوميَّة بِقَدْرِ المُستطاع، ولكِن لَيْسَ معنى ذلكَ أنْ نُصِرَّ عَلَى هَذِهِ الأَعْمالِ وإنْ وُجِد ما هُوَ أفضل فلا نفعله،

<<  <   >  >>