وهَذَا كله أيضًا من أساليبِ الاختبارِ الَّذِي يَخْتَبِرُ به سُلَيْمَان هَذِهِ المَرْأَةَ كما اخْتبَرَهَا أيضًا فيما يأتي فِي مسألةِ الصَّرْح.
وأمّا قول المُفَسِّر وغيره: إن رِجلها رِجل حِمار، فهَذَا من الإسرائيليات المكذوبةِ، فَقَدَمُها كَقَدَمِ غَيْرِها.
قَالَ المُفَسِّر: [{نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي} إِلَى مَعْرِفَتِهِ {أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ} إِلَى مَعْرِفَةِ ما يُغَيّر عليهم، قصدَ بذلكَ اختبارَ عَقْلِها لمّا قيل له: إن فِيهِ شيئًا، فَغَيِّرُوهُ بزيادةٍ أو نقصٍ أو غير ذلك].
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل تَزَوَّجها سُلَيْمَان؟
عَلَى كُلِّ حَالٍ: هِيَ جَديرة بأن تُزَوَّج؛ لِأَنَّهَا أسلمتْ وكانتْ ذكيَّة.
[من فوائد الآية الكريمة]
الْفَائِدَةُ الْأُوْلَى: التحدُّث بنعمةِ اللهِ تَعَالَى بإضافة النعمة إليه، لِقَوْلِهِ: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} وهَذَا هُوَ الواجب شرعًا والمقتضَى عَقلًا؛ لِأَنَّ إضافة النعمِ إِنَّمَا تكون إِلَى مُسْدِيها ومُولِيها.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ والثَّالثةُ: إثبات التعليل لأحكام اللهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى الكونيَّة كما ثبت ذلك فِي الأحكامِ الشَّرْعِيَّة، يُؤْخَذ من اللامِ لِأَنَّهَا للتعليلِ، ففيه دليلٌ عَلَى تعليلِ أحكامِ اللهِ الكونيَّة، كما أنَّ أحكامَه الشَّرْعِيَّة كذلك مُعَلَّلَة، ويَتَفَرَّع عَلَى هَذِهِ الفائدة: الردّ عَلَى الجهْمِيَّة الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ فعلَ اللهِ تَعَالَى لَيْسَ مُعَلَّلًا، إِنَّمَا يَفْعَلُ لمجرَّدِ المشيئةِ؛ إذا شاء فعلَ لحكمةٍ ولغيرِ حكمةٍ.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: اختبار المرءِ بما يُظْهِرُ حقيقةَ أمرِه؛ لقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {لِيَبْلُوَنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute