{وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ} هَذِهِ المَرْأَةُ ذَكِيَّة,، لمَّا جاءها الكتابُ قالت: أريدُ أن أَمتحنَ هَذَا الرجلَ، سأرْسِل إليه هَدِيَّة، فإنْ كَانَ رجلًا يريدُ الدُّنْيا كَفَتْهُ الهَدِيَّة وتركَ الحروبَ والقتالَ، وإنْ كَانَ رجلًا يريدُ أمرًا آخرَ فَإِنَّهُ سَيَرُدّ الهَدِيَّة، وهَذَا بلَا شَكّ اختبار ذكيّ، فقالت:{وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ} وطبعاً هِيَ -كما قُلْنَا قبل قليل- ما رَضِيَت ما أشار به الملأ؛ لِأَنَّ الملأَ أشاروا عليها بالحربِ والقتالِ، وذلك بإبداءِ ما عندهم منَ الْقُوَّة والبأسِ الشَّديدِ، ولَكِنَّهَا لم تُرِدْ ذلك، فأرادتْ أنْ تمتحنَ سُلَيْمَان.
قوله:{وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ} ولم تقل: (إليه)؛ لِأَنَّهُ كما قُلْنَا ملك له جنودٌ وأعوانٌ وحواشٍ.
قوله:{فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}(ناظرة) ليستْ منْ الِانتظارِ، وإن كانت محتملةً أن تكون من الانتظارِ، أي: فمُنْتَظِرَة، ولَكِنَّهَا منَ النظرِ، يَعْنِي: أَنْظُرُ بَعْد إرسال الهديَّة: بم يرجع المُرسَلُون؟ والمرسَلون هم رُسُلها بالهَدِيَّة، وَفِي هَذَا إشارة إِلَى أن هَذِهِ الهَدِيَّة كبيرة وعظيمة؛ لِأَنَّهَا لم ترسلْ بها واحدًا وإنما أرسلتْ بها جماعةً، وأقلُّ الجمعِ ثلاثةٌ.