للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَةُ الْأُوْلَى: عُقُوبة مَن لم يُؤْمِن بالآخِرَةِ بهَذه العقوبةِ العظيمةِ، وهي تزيينُ الأَعْمالِ السيِّئة لا الحسنةِ.

الْفَائِدَةُ الْثَّانِيَةُ: أنَّهُ كلَّما آمَنَ الْإِنْسَان بالآخِرَةِ اتَّضَحَ له الحقُّ؛ لِأَنَّ الإِيمانَ بالآخِرَةِ يَستلزِم أن الْإِنْسَانَ يَرَى الحقَّ حقًّا ويرى الباطلَ باطلًا، فلا يزين له الباطِل.

الْفَائِدَةُ الْثَّالِثَةُ: أن الجزاءَ من جنسِ العَمَلِ؛ لِأَنَّهُم لمّا لم يُوقِنوا بالآخِرَة مَعَ وُضُوحها اشتبهَ عليهم الحقُّ مَعَ وضوحِه.

الْفَائِدَةُ الْرَّابِعَةُ: أنَّ عدمَ الإِيمانِ بالآخِرَةِ سببٌ للحَيْرة، لِقَوْلِهِ: {فَهُمْ يَعْمَهُونَ}، وَعَلَى هَذَا فالإِيمانُ بالآخِرَةِ سببٌ لِلْيَقِينِ والنُّورِ، وهَذَا أيضًا أمرٌ مُشاهَدٌ، والْإِنْسَان ما يُصاب بعدمِ الْيقينِ إِلَّا بسببِ أعمالِهِ، ونقصِ إيمانِهِ، وكلَّما قَوِيَ الإِيمانُ فإنَّ معرفةَ الْإِنْسَان تزدادُ، حَتَّى فِي الأُمُورِ غير العلميَّة الشَّرْعِيَّة، فيعطيه الله تبارك وَتَعالى فِراسةً يَتبَيَّن بها الأَشْيَاءَ.

الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ: وُجُوب الإِيمانِ باليومِ الآخِرِ، بدليلِ عقوبةِ مَن لم يؤمنْ به، فهَذه العقوبةُ العظيمةُ تدلّ عَلَى وجوبِ الإِيمانِ به.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: الردُّ عَلَى الْقَدَرِيَّة، ففي الآيَةِ دليلٌ عَلَى مذهَب أهلِ السنَّة والجماعة فِي الردّ عَلَى الْقَدَرِيَّة؛ لِقَوْلِهِ: {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ}؛ لِأَنَّ تزيينَ العَمَلِ لهم هُوَ سببُ ضَلالهم، فتُزَيَّن لهم الأَعْمالُ السيئة فيَعْمَلُونها، فَلِلَّهِ تَعَالَى تأثير فِي أفعالِهم، فكون الله تَعَالَى يقولُ: {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ} فيَنْسُبُ تَزْيِينَ العَمَلِ إليه يَدُلّ عَلَى نَقيضِ قولِهم، وإلَّا فهم يؤمنون بالآخرة ويرَون أَنَّهُم مسلِمونَ، لكِنَّهم لا يؤمنون بأنَّ الله تَعَالَى له تعلُّق بفعلِ العبدِ، فأفعال العبدِ عِندَهم لَيْسَ لله فيها تعلّق إطلاقًا.

<<  <   >  >>