قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [{أَئِنَّكُمْ} بتحقيقِ الهمزتينِ وتسهيلِ الثَّانِيَةِ وإدخالِ ألفٍ بينهما عَلَى الوجهينِ]، ففيها أربع قراءات.
قوله:{أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً} هَذَا تفسير لِقَوْلِهِ: {الْفَاحِشَةَ}، وهنا يُلاحَظ أن الاسْتِفْهامَ هنا لتقريرٍ، لَكِن اُكِّدَ هَذَا الحكم بالجملةِ الَّتِي قُرِئَتْ بالاسْتِفْهامِ؛ أكد بـ (إن) و (اللام): {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ} وهَذَا كقولِ إخوة يُوسُف ليوسف: {أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ}[يوسف: ٩٠]، أي: أتُقَرِّر أنك يوسف وتؤكِّد ذلك؟ فقال:{أَنَا يُوسُفُ}[يوسف: ٩٠]، ففي جوابِهِ لهم إهانة لهم؛ لِأَنَّهُم طلبوا منه أن يؤكِّد لهم أَنَّهُ يوسفُ فقالوا:{أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ}؟ فما قَالَ:(إني لأنا يوسف)، بل {قَالَ أَنَا يُوسُفُ} فحذف التأكيدات استهانةً بهم.
فالحاصل: أن الاسْتِفْهام إذا تلاه التأكيد لا يُخرِجه عن معنى الاسْتِفْهامِ، بل كأنَّ المُسْتَفْهِم يطلب من المُسْتَفْهَم منه تأكيد الجملة، لكِن في هَذِهِ المسألة الاسْتِفْهام للتقرير، يقرر مَعَ التأكيدِ، ولهَذَا قَالَ لهم:{إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ}[الأعراف: ٨١].