للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٥٥)]

* * *

* قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [النمل: ٥٥].

* * *

قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [{أَئِنَّكُمْ} بتحقيقِ الهمزتينِ وتسهيلِ الثَّانِيَةِ وإدخالِ ألفٍ بينهما عَلَى الوجهينِ]، ففيها أربع قراءات.

قوله: {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً} هَذَا تفسير لِقَوْلِهِ: {الْفَاحِشَةَ}، وهنا يُلاحَظ أن الاسْتِفْهامَ هنا لتقريرٍ، لَكِن اُكِّدَ هَذَا الحكم بالجملةِ الَّتِي قُرِئَتْ بالاسْتِفْهامِ؛ أكد بـ (إن) و (اللام): {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ} وهَذَا كقولِ إخوة يُوسُف ليوسف: {أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ} [يوسف: ٩٠]، أي: أتُقَرِّر أنك يوسف وتؤكِّد ذلك؟ فقال: {أَنَا يُوسُفُ} [يوسف: ٩٠]، ففي جوابِهِ لهم إهانة لهم؛ لِأَنَّهُم طلبوا منه أن يؤكِّد لهم أَنَّهُ يوسفُ فقالوا: {أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ}؟ فما قَالَ: (إني لأنا يوسف)، بل {قَالَ أَنَا يُوسُفُ} فحذف التأكيدات استهانةً بهم.

فالحاصل: أن الاسْتِفْهام إذا تلاه التأكيد لا يُخرِجه عن معنى الاسْتِفْهامِ، بل كأنَّ المُسْتَفْهِم يطلب من المُسْتَفْهَم منه تأكيد الجملة، لكِن في هَذِهِ المسألة الاسْتِفْهام للتقرير، يقرر مَعَ التأكيدِ، ولهَذَا قَالَ لهم: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ} [الأعراف: ٨١].

<<  <   >  >>