للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما دلّ عليه الحديثُ الَّذِي فِي السُّنَنِ وصَحَّحَهُ الحاكِمُ وغيرُه من قولِ الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالمَفْعُول بهِ" (١)، وَهُوَ الَّذِي أجمعَ عليه الصحابةُ كما حكاه عنهم شيخُ الإِسْلامِ ابنُ تَيْمِيَّة رَحَمَهُ اللهُ (٢).

لكِنهمُ اخْتَلَفُوا كيفَ يُقتل؛ هل يُقتل بالرجمِ أو بإلقائِهِ من شاهقٍ وإتباعِهِ بالحجارةِ، أو يُقتل بالسيفِ أو يقتل بالإحراقِ بالنَّار، وقد فعلَه أبو بكرٍ وفعله عبد الله بنُ الزُّبَيْر، وفَعَلَه هِشامُ بنُ عبدِ المَلِكِ، واختلفوا فِي هَذَا، فالمهمُّ أَنَّهُم اتفقوا عَلَى قتلِهِ، وتكون الكيفيّة هنا راجعةً إِلَى الإمامِ، إذا رأى أقوى كيفية تردع عن هَذَا العَمَل الخبيثِ فَإِنَّهُ يَسْلُكُهُ.

الْفَائِدَة الخَامِسَةُ: أنّ الفواحشَ تُقَبَّح بِحَسَبِ ما يُقْتَرَن بها؛ لِقَوْلِهِ: {وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} فإن هَذِهِ الفاحشةَ مُنكرَة، ولَكِنَّهَا إذا كانت عَلَنًا وجَهْرًا يَظْهَرُ النَّاسُ بعضهم أمامَ بعضٍ فيها صارتْ أقبحَ وأعظمَ، ولهَذَا أتى بالجملةِ الحاليّة فِي قولِه: {وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ}.

* * *


(١) رواه أبو داود، كتاب الحدود، باب فيمن يعمل عمل قوم لوط، حديث رقم (٤٤٦٢)؛ والترمذي، كتاب الحدود، باب ما جاء في حد اللوطي، حديث رقم (١٤٥٦)؛ وابن ماجه، كتاب الحدود، باب من عمل عمل قوم لوط، حديث رقم (٢٥٦١)؛ وأحمد (١/ ٣٠٠) (٢٧٣٢)، والحاكم في المستدرك (٤/ ٣٩٥) (٨٠٤٧)، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٢٨/ ٣٣٥).

<<  <   >  >>