الْفَائِدَة الرَّابِعَةُ: بَيَان قُدرة الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، حيث جعل بين البحرينِ حاجزًا، والبحرانِ هما العذبُ والمالِحُ. وهَذَا الحاجزُ هل هُوَ مشهود أو مذكور؟
فِيهِ احتمال، بل إننا نَقُول: عامٌّ، يشمل المشهودَ والمذكورَ، وإن لم يُشهدْ، فإنَّ الأنهارَ هَذِهِ جعل الله بينها وبين البحار حواجزَ طبيعيةً؛ كالْأَرْض، وحواجز غير معلومة لَكِنَّها مذكورة، فإن فِي جوف البحارِ المالحة أنهارًا عذبة وعيونًا عذبة.
الْفَائِدَة الخَامِسَةُ: بَيَان قُدرة الله ومِنَّتِه أيضًا بجعلِ الحاجزِ بين هذين البحرينِ؛ لِأَنَّهُ لوِ اختلطَ ماء بعضهما ببعض لأفسدَ أحدُهما الآخرَ وضاعتْ منافعهما.
الْفَائِدَة السَّادِسَةُ: أن أكثر الخلقِ لا يعلمون ما فِي هَذِهِ الآيَاتِ مِنَ العِبَر، ثُمَّ إنَّ نفيَ العلمِ كما تقدَّم قد يَكُون نفيًا لأصلِهِ وقد يَكُونُ نفيًا لثمرتِهِ وفائدتِهِ، والأَمْرُ كلُّه واقعٌ، فمِنَ النَّاس مَن لَيْسَ عنده علمٌ أصلًا ولا يفكر فِي هَذِهِ الآيَاتِ، ويرى أَنَّهَا ظواهرُ طبيعيةٌ، وَلَيْسَ للهِ تَعَالَى فيها أيّ شأنٍ، ومنهم مَن يعلم ولكِن لا يَنتفِع.