الْفَائِدَة الثَّانِيَةُ: أن هَذَا النفخ عَظِيمٌ، لِأَنَّهُ يُنْتِجُ الفَزَع، {فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}، فلو أنَّ قنابلَ قُدِّرَت فِي مكان مَهْما بلغتْ قُوَّتُها تُفْزع مَن حولها ولَكِنَّهَا لا تُفْزِعُ أهل الْأَرْض كلّهم، ولا أهل الْأَرْض وأهل السَّماوَات، وهَذَا النفخُ يُفْرغُ أهلَ السَّماوَات وأهلَ الْأَرْض؛ لِقَوْلِهِ:{مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} فيدلّ ذلك عَلَى عَظَمَةِ هَذِهِ النفخةِ؛ ولذلك قَالَ الله تَعَالَى:{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ}[الحاقة: ١٣]، أكَّدها بواحدةٍ لِيَتبَيَّنَ أَنَّهَا عظيمةٌ لا تَحتاج إِلَى إعادةٍ وتكرارٍ.
الْفَائِدَة الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ لا يَفْزَعُ جميعُ مَن فِي الْأَرْض ومن فِي السَّماوَات، بل يبقى مَن لا يَفْزَع بمشيئةِ اللهِ، لِقَوْلِهِ:{إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} وهَذَا المُبْهَم فِي الآيَةِ الصَّحيحُ أنه ليسَ معلومًا لنا، ولذلك أشكلَ عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - هل كَانَ موسى ممَّن صَعِقَ أو ممَّنِ استثنى اللهُ، فدلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ معلومًا للناسِ مَن هم المُسْتَثْنَوْنَ، وهَذَا يَرْجع إِلَى كمالِ رُبُوبِيَّة اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى.
الْفَائِدَة الرَّابِعَةُ: كمالُ الرّبُوبِيَّة والسلطانِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي قوله: {إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} ووجهُ ذلك أن العظيمَ إذا أَبْهَمَ ما يَتَصَرَّفُ به دلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لا مُعارِضَ له، وأنَّ