للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [{لَآيَةً} لَعِبْرَة {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} قُدْرَتَنَا ويَتَّعِظُونَ]، تخصيصُ هَذَا بالقُدرة غيرُ مُسَلَّمٍ، بل المُراد ما هُوَ أعمُّ من عِلم قُدرة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى، بل يعلمون قدرة الله وحكمته وما جرَى للأممِ، كُلّ هَذَا جائزٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي لا يَدري بماذا يَعتبِر، لكِن الَّذِي يدري هُوَ الَّذِي يعتبر، وِفي هَذَا مِنَ الحَثّ عَلَى معرفةِ أخبارِ الأممِ والعلمِ بها ما هُوَ ظاهرٌ؛ لِأَنَّ بها يتَّعظ النَّاس، وكذلك أيضًا الأخبارُ الواقعة فِي زمنِ الْإِنْسَان يَنبغي أن يتخذَ من حوادثها عِظَةً وعِبرةً، وسيأتي - إن شاء الله - ذِكرُها فِي قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ التبيينَ بعدَ الإجمالِ؛ لِقَوْلِهِ: {خَاوِيَةً} لِأَنَّ التبيينَ بعدَ الإجمالِ أوقعُ فِي النفسِ، فالشَّيْء إذا جاءَ مُجْمَلًا تَتَشَوَّف النفسُ إِلَى بَيَانهِ ومَعْرِفَتِهِ، فإذا جاء إليها مُبَيَّنًا بَعْد الإبهامِ صادفَ أرضًا يابسةً تَشْرَب الماءَ، لكِن إذا بُيِّن من الأولِ مَرَّ مرَّ الكرامِ، وهَذا دائمًا تَجِدُونه فِي الْقُرْآن، قَالَ تَعَالَى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ} [الحجر: ٦٦]، ما هُوَ ذلك الأَمْر؟ {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} [الحجر: ٦٦]. عندما تقف عند قوله: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ} تجد قوله: (الأَمْر) بـ (أل) ما هَذَا الأَمْر؟ ثُمَّ يأتي قوله: {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} فيتبين لك وقعُ هَذَا البَيَان بعدَ الإبهامِ.

الْفَائِدَة الثَّانِيَةُ: أنّ التدميرَ والإتلافَ من أَسْبابِ الظُّلم؛ لِقَوْلِهِ: {بِمَا ظَلَمُوا} لِأَنَّ الباء هنا للسببيَّة.

الْفَائِدَة الثَّالِثَةُ: أن الجزاء من جِنس العَمَلِ.

<<  <   >  >>