الْفَائِدَة الثَّانِيَةُ: وجوب العِبادَة عَلَى النَّبِيّ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؟ لِقَوْلِهِ:{أَنْ أَعْبُدَ}، ولا ويُقَال: إن التكاليف تسقطُ عن الأَنْبِياء والأولياءِ، بل تجب عَلَى النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- كما تجب عَلَى غيرِه، ويجب عليه هُوَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أن يشهد أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّهُ رسولُ الله؛ فهَذَا مُقتضى الإِسْلام.
الْفَائِدَة الثَّالِثَةُ: بُطلان ما ادَّعاه أصحابُ مَن يَزْعُمونَ أَنَّهُم أَوْلِيَاء، حَيْثُ قَالُوا: إن الوليَّ يصل إِلَى درجةٍ يسقُط بها عنه التكليف، وهَذَا موجود عند الصوفيَّة وغيرهم، يَقُولُونَ: هَذِهِ العباداتُ الَّتِي نكلَّف بها وسائلُ إِلَى غايةٍ، والغاية: الْيَقينُ، قَالَ تَعَالَى:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}[الحجر: ٩٩]، فإذا وصل الْإِنْسَان إِلَى الْيَقينِ سقطتْ عنه العِبادَةُ وصار لا يجبُ عليه صلاةٌ ولا زكاةٌ ولا صومٌ ولا حجٌّ، ولا يحرم عليه نِكاح أحدٍ، فيتزوَّج مَن شاء من ذُكُورٍ وإناثٍ، والعياذُ باللهِ، ومن عددٍ صغيرٍ وكبيرٍ.
حَتَّى إنَّا نسمع عنهم الْآنَ فِي أفريقيا أن الواحد منهم له خمسونَ امرأةً، فتَعَدَّوُا النَّبِيّ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وأيضًا لا يَتَزَوَّج بعقدٍ، فإذا اشتهى امرأةً أرسلَ إلى أبيها وقال: أريد ابنتك زوجةً لي.
ولا أحد يتمكَّن من أن يُعارِضَهُم؛ لِأَنَّهُم يزعمون أَنَّهُم وصلوا إِلَى غايةٍ لا يحتاجون معها إِلَى تكليف .. فإذا كَانَ الرَّسول -صلى الله عليه وسلم-أُمر أن يعبدَ الله فغيرُه من باب أَولي.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: أليس هَؤُلَاءِ كفارًا؟
فنَقُول: بلى، بل من أكفرِ الْكُفَّارِ والعياذُ بالله.