للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مصنوع، فهَذَا كونه خبرًا صحيحٌ، أَمَّا أن تجعلَه اسمًا من أسماءِ اللهِ فلا، لِأَنَّهُ يفرق بين الاسم وبين الخبرِ.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: ما الفرق بين الخبر والاسمِ؟

الخبرُ ضِدّ الاسمِ، يعني الشَّيْء إمَّا أن يُخبَر به عن اللهِ أو يُسمَّى به الله، فالخبر عن الله يجوزُ أنك تُخْبِرُ عن الله تَعَالَى بكل ما ثبت له من فعل، مقيدًا إن كَانَ مقيدًا، ومُطْلَقًا إن كَانَ مطلقًا، وَأَمَّا الاسمُ فلا تُسَمِّ اللهَ إِلَّا بما سَمَّى به نفسَه، ولهَذَا يَصِحُّ أن نَقُولَ عن اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: إنَّهُ مُدَبِّر الأُمُور، مُسَخِّر السَّماوَات والْأَرْض، مذلِّل الإبل لِرَاكبيها، ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، لكِن كونك تُسَمِّيه بهَذَا الاسم لا يَصِحّ.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: الصِّفة أليست مثل الخبر؟

فالإجابة: نعم الصفة الَّتِي يَصِحّ إضافتها إِلَى اللهِ تُخْبِرُ بها عنِ اللهِ لا مانعَ؛ ضرورةَ أنَّ المشتَقّ دالّ عَلَى صِفَتِه، فكُلّ مُشْتَقّ دالٌّ عَلَى صفتِه، ولا يمكِن أن تقولَ عن شيءٍ: إنَّهُ مُشْتَقّ ثُمَّ تنفي الصِّفةَ الَّتِي اشتُقّ منها.

الْفَائِدَة الرَّابِعَةُ: أن هَذَا الأَمْر الَّذِي يقع للجبالِ يوم القيامة أمرٌ عظيمٌ، وجهُ عظمته: إضافته إِلَى الله، حَيْثُ قَالَ: {صُنْعَ اللهِ} وما أُضيف إِلَى العظيمِ فَهُوَ عظيمٌ، كما أن ما أُضيف إِلَى الحقيرِ فَهُوَ حقيرٌ.

الْفَائِدَتانِ الخَامِسَةُ والسادسةُ: أنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى مُتْقِن لكلِّ شيءٍ من الأفعالِ والأحكامِ، لِقَوْلِهِ: {الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} مما صنعَ وشَرَعَ، وَأَمَّا تقييدُ المُفَسِّر له بِقَوْلِهِ: [صَنَعَهُ] ففيه نظر، ولا يُقالُ: إن السياق فِي الكَلامِ عَلَى الصنعِ، لأنَّنَا نَقُول: الكَلام عَلَى الصنع لَكِنَّهُ جاء بَعْد ذلك تعميمٌ، لم يقل: أتقن كُلّ ما صنعَ، قَالَ: {كُلَّ شَيْءٍ}.

<<  <   >  >>