أو أَنَّهُم جاءوا فلم يَتَوَصَّلوا إِلَى بيتِه بأن كَانَ مُغْلَقًا محُكَمًا أو غير ذلك منَ الأَسْبَاب.
المهمُّ أن هَذَا مطويٌّ ذِكْرُه وأنهم ما نَفَّذُوا ما أرادوا، وهَذه القصةُ أيضًا عَلَى هَذَا الوجهِ ما رأيتُها ثابتةً بالإسنادِ عن النَّبِيّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فلهَذَا الأَولى أن يقال: إن الله تَعَالَى مكرَ بهم فدَمَّرَهُم وقومَهم، وَلَيْسَ منَ المهمِّ أنْ نعرِف كيف دُمِّروا، المهمُّ أنْ نعرِفَ أَنَّهُم دُمروا عن آخِرِهِمْ بسبب ما أرادوه بالنَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وبسبب تكذيبِهِمْ.
[من فوائد الآية الكريمة]
الْفَائِدَةُ الْأُوْلَى: الحثُّ عَلَى الاعتبارِ، لِقَوْلِهِ:{فَانْظُرْ} والنظرُ يَكُونُ بالقلبِ ويُسَمَّى نظرَ البَصِيرةِ، وَيكُونُ بالعينِ ويُسَمَّى نظرَ البصرِ، وكلاهما أمر مطلوبٌ إذا أدَّى إِلَى مطلوبٍ، وَأَمَّا إذا لم يؤدِّ إِلَى مطلوبٍ بل أدى إِلَى العكسِ مثل أن يعتبرَ ويتبصر ثُمَّ يتخذ من هَذَا النظرِ وسيلةً إِلَى الطعنِ فِي حكمةِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى، أو إِلَى وصف الله تَعَالَى بالظلمِ أو مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مما يقع من بعض الملحدينَ، فإن هَذَا ضرره كبيرٌ والعياذُ باللهِ، لكِن الصَّواب مَن نَظَرَ ليَعْتَبِرَ، ومَن نظرَ بعينِ العقلِ والعدلِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ من الأَمْرينِ: عقلٌ وعدلٌ، فبانتفاءِ العقلِ لا تحصل للإِنْسَان المعرِفةُ، وبانتفاءِ العدلِ يَظْلِم.
فعَلَى كُلِّ حَالٍ: فِي هَذِهِ الآية دليلٌ عَلَى أَنَّهُ ينبغي للإِنْسَانِ أن ينظرَ ويتأمَّل فِي الأُمُورِ، لا سيما فِي أمور المكذِّبين.
الْفَائِدَةُ الْثَّانِيَةُ: أَنَّهُ ينبغي فِي مَقامِ التحذيرِ استعمالُ أغلظِ الألفاظِ وأشدّها تأثيرًا، لِقَوْلِهِ:{دَمَّرْنَاهُمْ}، ولم يقل: أهلكِناهم، فإنَّ التدمير أعظمُ وَقعًا فِي النفسِ، والنفس تَنْفِر منه أكثرَ، ولهَذَا قَالَ:{أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ}.