[الآية (٨)]
* * *
قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: ٨].
قوله: {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ}: {فَلَمَّا جَاءَهَا} الجملة فيها حذفٌ، والتَّقْدير: فذَهَبَ فلمَّا جاءها. ويُسمَّى هَذَا الإيجاز إيجازَ الحذْفِ؛ لِأَنَّ الإيجازَ عندهم فِي البلاغةِ إِمَّا إيجاز قَصْرٍ وَإِمَّا إيجاز حَذْف، فإذا كانت الجملة القصيرةُ تَشتمِل عَلَى معانٍ كثيرةٍ بدون حذفٍ يُسمَّى إيجاز قَصْرٍ، كقولِهِ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: ١٧٩]، هَذِهِ جملةٌ مخُتصَرَةٌ، لَكِنَّها تَتَضَمَّنُ معانيَ كثيرة، يُسَمِّي علماءُ البَيَان هَذَا إيجازَ قَصْر، وَهُوَ أن تكونَ الجملةُ قصيرةً لَكِنَّها مُتَضَمِّنة لمعانٍ كثيرةٍ، فإيجازُ الحذفِ مَعناه قِصَر الجملةِ لكِن الجملة نَفْسها لا تَتَضَمَّن معانيَ كثيرةً إِلَّا بتقديرِ أَشْيَاءَ محذوفةٍ. فقولُه هَذَا من إيجاز الحَذْفِ، وأمثلته فِي الْقُرْآن كثيرةٌ، مثل قولِه تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤]، فيها إيجاز حذفٍ، التَّقْدير: (فأفطرَ فعِدَّة من أيَّامٍ أُخَرَ).
قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [{فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ} أي: بأنْ {بُورِكَ} أي: باركَ اللهُ {مَنْ فِي النَّارِ} أي: مُوسَى {وَمَنْ حَوْلَهَا} أي: الملائكة أو العكس].
{نُودِيَ} المنادي هُوَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، الدَّلِيلُ: أَنَّهُ فِي آيَةٍ أُخرى صرَّح بذلك:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute