فإِذَنِ: الأُمُورُ الطبيعيَّة البشريَّة الَّتِي هِيَ مُقْتَضَى الطبيعة البشريَّةِ يجوزُ أن يُوَجَّه الحُكْمُ إليها أمرًا أو نَهيًا، ويَكُون ذلك من باب مُدَافَعَتِها قبلَ وُجودها، أو من باب تقليلِ آثارِها، فلا يقال: إن الْإِنْسَان أُمِرَ بما لا يستطيع، فأُمِرَ بعدمِ الغضبِ وَهُوَ لَا بُدَّ أن يَغْضَبَ، وأُمِرَ بعدمِ الخوفِ وَهُوَ لَا بُدَّ أنْ يخافَ مما هُوَ مَخُوفٌ.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: وفي الآيَة أيضًا دليل عَلَى أنَّ مَن كَانَ مَعَ الله تَعَالَى فَإِنَّهُ لا يَنبغي أن يخافَ، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى:{إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ} أي: عندي {الْمُرْسَلُونَ}. ولذلك كلَّما ذكر الْإِنْسَان ربَّه زالَ عنه الخوفُ، قَالَ تَعَالَى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[الأنفال: ٤٥]، ففي ذكر الله تَعَالَى زَوَالُ الخوفِ والْقُوَّة والرغبةُ فِي تنفيذِ ما أَمَرَ الله تَعَالَى به، ولهَذَا أمر الله به فِي الجِهادِ.