للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تؤكِّد ما يَنْبَغِي تأكيده للمخاطَبِ، وجه ذلك: أن اللهَ ذكرَ أَنَّهُ أرسلَ إِلَى ثمودَ أخاهم صالحًا وأكَّد هَذَا الخبرَ.

الْفَائِدَةُ الْثَّانِيَةُ: أن الرسُل السابقينَ رِسالتهم خاصَّة وليستْ عامَّةً؛ لِقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ} ما قَالَ: إِلَى النَّاس جميعًا، بل قَالَ: {إِلَى ثَمُودَ} وهَذَا ثبتَ به الحديثُ عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فِي قولِهِ: "وَكانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً" (١).

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ يَصِحّ إطلاق الأُخُوَّة النَّسَبِيَّة بين المسلمِ والكافرِ، فلا يقال: إذا انتفتِ الأخوَّة الإِيمانية انتفت الأخوَّة النَّسَبِيَّة، بل إذا انتفى أحدهما يبقى الآخرُ؛ لِقَوْلِهِ: {أَخَاهُمْ صَالِحًا}.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن الَّذِي أُرسلتْ به الرّسُلُ هُوَ ما خُلِقَ له البشرُ، بل الجنّ والإنس، وَهُوَ عبادةُ اللهِ؛ لِقَوْلِهِ: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} والعِبادَةُ سَبَقَ مَعناها.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: انقسام النَّاس إِلَى فريقينِ فِي مواجهةِ الرُّسُلِ: مؤمن وكافر، وهَذَا لتحقيقِ الحِكْمَة الابتدائيَّة والغائيَّة فِي خلق الله، قَالَ الله تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن: ٢]، لو كانوا كلهم مُؤْمِنيِنَ لم يكنْ منهم كافرٌ ومنهم مؤمنٌ، هَذِهِ حِكْمَة ابتدائيَّة بالخلقِ منذُ خُلِقوا، أيضًا لتتمَّ الحِكْمَة الغائيَّة، فالحِكْمَة الغائية أن الله تَعَالَى خلقَ جنَّةً ونارًا، وخلق لكلًّ منهما أهلًا، فلو كَانَ النَّاس كلُّهم مُؤْمنيِنَ لم يكنْ لخلقِ النَّار فائدة، ولهَذَا قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ


(١) رواه البخاري، كتاب الصلاة، باب قول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا"، حديث رقم (٤٢٧)؛ ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، حديث رقم (٥٢١)، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>