قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَصَدَّهَا} عن عبادةِ اللهِ {مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ}]، إذن {مَا} فِي قوله: {مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ} إعرابها فاعل، يَعْنِي: صَدَّها الَّذِي كانت تعبد من دون اللهِ، ويَحتمِلُ أن تكونَ ما مصدرَّيةً، أي: وصَدَّها كونها تَعْبُدُ من دون اللهِ، لَكِنَّهُ وإن كَانَ سائغًا لغةً لَكِنَّهُ لَيْسَ له مَحَلّ هنا، فـ {مَا} هَذِهِ اسْم موصول.
وَقِيلَ: إن {وَصَدَّهَا} الفاعل يعود عَلَى سُلَيْمَان، أي أن سُلَيْمَان مَنَعها ما كانت تعبدُ من دونِ اللهِ، أي: منعها عمَّا كانتْ تعبدُ من دونِ اللهِ بسببِ ما رأتْ من المُلك العظيم الَّذِي لِسُلَيْمَان عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ولكِن الأوَّل أَوْلَى بالسياق أنَّ (ما) فِي قوله: {مَا كَانَتْ تَعْبُدُ} فاعل، لكِن نحن لا بأسَ أن نذكرَ الاحتمالَ؛ لِأَنَّهُ ربما عند التأمُّل يَظهَر أن هَذِهِ الاحتمال صحيحٌ.
وقوله:{مَا كَانَتْ تَعْبُدُ} الَّذِي كانتْ تعبدُ من دونِ اللهِ هو الشَّمْسُ، والعائدُ عَلَى {مَا} الموصولةِ محذوفٌ، والتَّقْدير:(ما كانت تعبدُهُ من دونِ اللهِ)، و (صَدَّ) بمعنى صَرَفَ، ومناسبةُ قولِه:{وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ} لمِا سَبَقَ أَنَّهُ يُقال: إنَّهُ كالجوابِ عن سؤالٍ مقدَّر وَهُوَ إذا كانت هَذِهِ المَرْأَة بهَذِا الذكاء وهَذِهِ المعرفة فلماذا لم تَعْبُدِ اللهَ، مَعَ ظهور أنَّ العِبادَة لله وحدَه؟