الْفَائِدَة الرَّابِعَةُ والخامِسَةُ: شَهادة الله تَعَالَى لمِا جاء به الرَّسُول بأَنَّهُ حقّ؛ لِقَوْلِهِ:{إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} هو ومن هَذِهِ الفائدةِ نَستفيد فائدةً أُخرى، وهي: الترغيبُ فِي سلوكِ طريقِ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ما دامَ حقًّا؛ لِأَنَّ كُلّ إِنْسَانٍ عاقلٍ يَختار الحَقَّ عَلَى الباطلِ.
الْفَائِدَة السَّادِسَةُ: فضيلة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - حَيْثُ كَانَ مَسْلَكه الحقّ المُبِين؛ لِقَوْلِهِ:{إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} فهَذَا فِيهِ شَهادة منَ الله وتزكيةٌ للرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَهُوَ يَتَضَمَّن فضيلةَ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم -؛ لِأَنَّ الشهادةَ مِنَ اللهِ أَنَّهُ عَلَى الْحَقَّ المُبين.
الْفَائِدَة السَّابِعَةُ: أن كُلّ ما خالفَ ما كَانَ عليه الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَهُوَ باطلٌ؛ لأَنَّنا لو قُلْنَا: إنَّهُ حقٌّ لَلَزِمَ الجمعُ بين النقيضينِ، فلا يمكن أن يَكُونَ ما كَانَ عليه الرَّسُول حقًّا وهَذَا حقّ، فلا يُمْكِن وَهُوَ يخالفه؛ إذ هَذَا جمْع بين النقيضينِ، فلا يُمْكِن أن يَكُون الشيئانِ المتناقضانِ كُلّ منهما حقّ، فلَا بُدَّ أن أحدهما هُوَ الحق، ولهَذَا يَقُول الله - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ}[يونس: ٣٢]؛ ويقول تَعَالَى:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ}[سبأ: ٢٤]، إحداها {لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[سبأ: ٢٤]، وبهَذَا نعرف أن جميع ما خالف ما كَانَ عليه الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَهُوَ باطل، وَهُوَ فِي النَّار كما قَالَ الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم -: "كُلّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً"(١).
فإن كانت المخالَفَةُ تامَّةً فَهُوَ باطل كلّه، وإن كانت المخالفة جُزْئِيَّة كَانَ فِيهِ منَ الباطلِ بِقَدْرِ ما خالفَ ما كَانَ عليه الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم -.
الْفَائِدَة الثَّامِنَةُ: ظهور أحقيَّة ما كَانَ عليه الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ حقّ لَيْسَ به خَفَاء؛ لِقَوْلِهِ:{الْمُبِينِ}.
(١) رواه ابن ماجة، كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، حديث رقم (٣٩٩٣)؛ وأحمد (٣/ ١٢٠) (١٢٢٢٩)، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.