قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا} أي: غَيِّروه إِلَى حالٍ تُنْكِره إذا رأتْه]، والتنكيرُ يحصُل بتغييرِ أَدْنَى صفةٍ من صفاتِه، فإذا كانتْ قوائمُه طويلةً يمكن أن يقصر القوائم فيَكُون تنكيرًا، إذا كَانَ لون إحدى عواضده مثلًا أحمر فيمكن أن نجعله أخضرَ، يعني سواء هَذَا التنكير بالأجزاءِ أو باللونِ أو بالفرشِ الظَّاهرُ أن هَذَا داخلٌ فِي التنكيرِ. وقوله:{نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ}، {نَكِّرُوا} فعلُ أمرٍ، {نَنْظُرْ} مجزوم عَلَى أَنَّهُ جواب الأَمْر.
قوله:{نَكِّرُوا} انظر العظمةَ، قَالَ عَلَيهِ السَّلامُ:{نَكِّرُوا} ولم يوجِّهِ الخطابَ إِلَى شخصٍ معيَّن، وهو ما يَدُلّ عَلَى أن كُلّ جنوده فِي طاعتِه؛ لِأَنَّهُ لو كَانَ يَخشَى أن أحدًا من الجنودِ يَتَمَرَّد لكان يوجِّه الخطاب إِلَى شخصٍ معيَّن لأجل أن يُحْرِجَه فلا يستطيع أن يقولَ: لا، وهَكَذَا عظمةُ السلطانِ تكون بمثل هَذَا، فعندما يَقُول السلطان أو الأمير: القهوة يا ولد، فكُلّ الحاضرين يَفْزَعُون: قهوة قهوة، وتأتيه بسرعة. ففي قوله:{نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا} نَقُول: هَذَا خطابُ عَظَمَةٍ، ولهذَا قَالَ:{نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي} إمَّا أَنَّهُ يقصد نفسه وَيكُون تعظيمًا، أو مَعَ جنوده وحاشيته ينظرون جميعًا {أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ}.