للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجواب: بلى، العِبادَة هِيَ الإِسْلام، لكِن هناك قَالَ: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا} [النمل: ٩١]، ، والعِبادَة هِيَ التذلُّل له بالطاعة، ثُمَّ قَالَ: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} أي أن أُحَقِّق هَذِهِ العِبادَة بالاستسلام التامّ لأوامر الله تَبَارَكَ وَتَعَالى، فالْإِنْسَان قد يَكُون عابدًا فِي الأَصْل لكِن الانقياد التامّ بجميع مشروعات الإِسْلام يُستفاد من قوله: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} أي من المنقادِين لحُكْمِ اللهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى انقيادًا تامًّا، لا معارضة عندهم ولا استكبار.

وفي قوله: {أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} دليلٌ عَلَى أن هناك مسلمينَ، فهل اليهود والنصارى مسلمونَ؟

الجواب: حين كانتْ شرائعهم قائمةً فهم مسلمونَ، أَمَّا بَعْد أنْ نُسِخَتْ فإنهم إذا لم يَلْتَزِموا بالشَّرِيعَة النَّاسخةِ ولم يَكُونوا مسلمينَ، فالإِسْلام هُوَ الدين عند الله فِي كُلّ زمانٍ ومكانٍ، وبعد بَعثةِ الرَّسُول عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لا إسلامَ إِلَّا باتباع شريعته، وإلَّا فأصل الإِسْلام كما هُوَ معروف من الاستسلام وَهُوَ الانقياد، وهَذَا يشمل كُلّ انقياد لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، سواء فِي عصر هَذِهِ الأمة أو قبلها، نوح عليهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَقُول: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: ٧٢]، مثلما قيل للرَّسُول عليهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وقال عن يعقوب: إنَّهُ قَالَ لبنيه: {يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: ١٣٢]، وقالت بِلقِيس: {إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: ٤٤].

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: وجوبُ إعلانِ الرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- بما ذكر؛ لِأَنَّهُ عَلَى تقدير: (قُل إِنَّما أمرت)، وَهُوَ واجب عليه أن يعلنَ ذلك؛ لأجل أن يَكُون قدوةً فيه.

<<  <   >  >>