قوله:{فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} الخطاب للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، والأَمْر هنا للوجوبِ، والتوكُّل نصفُ الدينِ، قَالَ الله تَعَالَى:{فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ}[هود: ١٢٣]، وقال:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة: ٥]، ولا استعانةَ إِلَّا باعتمادٍ، ولهَذَا يَقُولُونَ: إنَّ الدِّين عِبَادةٌ وتَوَكُّل؛ عبادةٌ يَفعلُها الْإِنْسَان، وتَوَكُّل يَعتمِد به عَلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى.
هنا قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} ثِقْ بِه]، وفسَّره غيرُه بأنَّ التوكُّلَ هُوَ الاعتمادُ عَلَى اللهِ مَعَ الثِّقَة، فلا بدَّ مِنِ اعتمادٍ وثقةٍ، وبهما يَكُون التوكُّل، فقد تَعْتَمِدُ عَلَى غيرِ اللهِ مثلًا لكِن لا تَثِق به، وقد تَعْتَمِد عَلَى إِنْسَانٍ فِي أنْ يشتريَ لك شيئًا، ولكِنَّك مَعَ هَذَا لا تَثِقُ به، وقد تَثِق بالْإِنْسَان فِي أمانتِهِ ولكِنَّك لا تَعْتَمِد عليه لِضَعْفِه، والأوَّل إمَّا لضعفه أو خيانته، أَمَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فيَجِب عليكَ أنْ تَعْتَمِد عليه واثقًا به، ولا يُمْكِن تحقيقُ التوكُّل إِلَّا بهَذَا.
إِذَنِ: التوكُّل عَلَى اللهِ: الاعتمادُ عليه مَعَ الثِّقة به، فلا بدَّ منَ الأَمْرينِ؛ من اعتمادٍ وثقةٍ. والأَمْرُ بالتوكّل لا ينافي فِعْلَ الأَسْبَابِ الصَّحيحةِ الَّتِي تؤثِّر فِي المُسبَّبَات؛ فإن