عليهم، فإن {الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} وغيرهم، لكِنَّ بني إسرائيلَ اعتنَى بهم هنا؛ لِأَنَّ الموضوع فيما يَتَعَلَّق بهم.
الْفَائِدَة الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ يَنبغي أن يُعتنى بما هُوَ أهمّ أو بما هُوَ مُهِمّ، وُيترك ما لا فائدةَ منه؛ لِقَوْلِهِ:{أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} ولم يقصّ عليهم جميع ما يَختلفون فيه؛ لِأَنَّ ممّا اختلفوا فِيهِ ما لا فائدةَ من ذِكره، أو ما لا داعيَ لِذِكره. وهَذِهِ مسألةٌ يَنبغي للإِنْسَان أن يَعتني بها، بأن يَقتصرَ عَلَى المهمّ أو الأهمّ، وأن يدعَ ما لا فائدةَ منه؛ لِأَنَّهُ إضاعةٌ للوقتِ وتطويلٌ للكلامِ بلا فائدةٍ، ومن ذلك ما يوجد فِي كثيرٍ من التفاسيرِ؛ يذكرون الخلاف فِي أمور هِيَ فِي الحقيقة واحدة، فتجده مثلًا يذكر الخلافَ عن مُجَاهِدٍ ومُقاتِلٍ وعَلْقَمَةَ وابنِ مَسْعُودٍ وابنِ عَبَّاس، والاختلاف بينهم إِنَّما هُوَ فِي التعبير فقطْ، فمثلًا:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا}[الإسراء: ٢٣]، يَقُول: قَالَ بعضُ العُلَماء: {قَضَى} بمعنى وصَّى، وبعضهم يَقُول: بمعنى عَهِد، وبعضهم يَقُول: بمعنى أوجدَ، وبعضهم يَقُول: بمعنى ألزمَ، فهَذَا لا داعيَ له؛ لِأَنَّ كُلّ هَذِهِ الكلمات الأربع تدلّ عَلَى معنًى واحدٍ.
كذلك أيضًا يذكرون الخلافَ فِي ما لا طائلَ تحته، كما ذكروا اختلافهم فِي كلبِ أصحابِ الكهفِ؛ هُوَ أسود أو أحمر أو أبيض ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
وكذلك أيضًا اختلافهم فِي عِدَّة أصحاب الكهف، فإن الله تَعَالَى ذكر الخلافَ وأبطلَ قولينِ وأقرّ الثَّالثَ.
والمهمّ أن الله يَقُول - بعدما ذكر القَوْلين وأبطل الثَّالث -: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا}[الكهف: ٢٢]، يَعْنِي: لا تتعمَّق إذا جاء أحد يجادلك فِي هَذَا الأَمْر؛ لِأَنَّهُ لا فائدةَ منه، فالشَّيْء الَّذِي لا فائدةَ منه أو فائدته