للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَة الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: أنَّ الآيات كثيرةٌ ليستْ واحدةً؛ لِقَوْلِهِ: {بِآيَاتِنَا}، وهي تنقسم إِلَى قسمينِ: آيات كونيَّة وآيات شرعيَّة. فما جاءت به الرُّسُلُ ونزلتْ به الكتب فَهُوَ آيات شرعيَّة، وما كَانَ منَ الحوادثِ فَهُوَ من الآياتِ الكونيّة، قَالَ الله تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [فصلت: ٣٧]، هَذِهِ الآياتُ الكونيَّة، وقال تَعَالَى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الأحقاف: ٧]، هَذِهِ الآيات الشَّرْعِيَّة.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: ما وجهُ كونِ الآيات آياتٍ؟

قُلْنَا: لِأَنَّهَا دالَّةٌ عَلَى الله، فالآياتُ الكونيَّة دالَّة عَلَى الخالقِ مِن حَيْثُ القدرةُ والحِكْمَةُ والسلطانُ إِلَى غيرِ ذلكَ من معاني الرُّبُوبِيَّة.

والآيات الشَّرْعِيَّة دالَّة عَلَى مُنَزِّلِهَا من حَيْثُ العدلُ والإصلاحُ؛ لِأَنَّ جميعَ الشرائعِ، ولَيْسَ شريعة الإِسْلام فقطْ الَّتِي جاء بها مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -، كلّها تحاربُ الفسادَ وكلها تقرِّر الصلاحَ، لكِن شريعتنا تمتاز عَلَى غيرها بأنَّها تراعي المصالحَ الْعَامَّة.

* * *

<<  <   >  >>