الْفَائِدَة الأُولَى: أن الداعيَ إِلَى اللهِ إذا بَذَلَ ما يَجِب عليه فلا يَنبغي أنْ يحزنَ لمخالفةِ النَّاسِ؛ لِقَوْلِهِ:{وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ}، والحِكْمَةُ من ذلك: أنَّ حُزْنَ الْإِنْسَان عَلَى مخالفةِ النَّاسِ يُعِيقُه عن الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ، وَيسْتَحْسِر من أجلهم؛ لِأَنَّهُ لا يمكن للنفسِ أنْ تَمْتَدَّ وتسير وهي حزينةٌ، ولكِن أنتَ سِرْ عَلَى حَسَبِ ما أُمرتَ؛ إنِ اهتدى النَّاس فلكَ ولهم، وإنْ لم يهتدوا فلكَ وعليهم، ولهَذَا إذا حَزِنَ الْإِنْسَان فِي هَذِهِ الأُمُورِ فَإِنَّهُ ييأسُ ويستحسر ولا يَنْشرِح صدرُه ولا تنبسط نفسُه.
الْفَائِدَة الثَّانِيَةُ: عناية الله تَعَالَى بالرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - بالتسلية والتفريج عنه؛ لِقَوْلِهِ:{وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} وجه ذلك: أنَّ نَهْيَهُ عن أنْ يَكُونَ فِي ضيقٍ معناه أنَّ مكرَهُم لا يَضُرُّهُ، وإن ضاقتْ به نفسُه فإن ذلك لا يضرُّه؛ لِأَنَّ الله يَقُول:{وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ} أي لا يُهِمّك أَمْرُهم ولا تَضِق منه، فإن لدينا ما هُوَ أعظمُ، قَالَ تَعَالَى:{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}[الأنفال: ٣٠].