سُلطانه تامٌّ، يَعْنِي كأَنَّهُ لا أحدَ يَسْأَلُه مَن هَذَا الَّذِي لا يَفْزَع ومن هَذَا الَّذِي يَفْزَع، وذلك دليل عَلَى كمالِ السلطانِ والعظمةِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجلَّ: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣)} [الأنبياء: ٢٣]، وذلك لكمالِ سُلطانِهِ وحِكْمَتِه.
فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - رأى موسَى مُتَعَلِّقًا بالعَرْش، فهل هَذِهِ النفخةُ متعلقةٌ بأهلِ الْأَرْض فقطْ؟
فالجواب: النفخةُ مُتَعَلِّقة بمَن فِي السَّماوَات وبمن فِي الْأَرْض، والمتعلِّق بالعَرْش هُوَ فِي السَّماوَات، وهَذِهِ النفخة نَفْخَة الفَزَع هِيَ المقدَّمة لنفخةِ الصَّعْقِ، يَفْزَعون ثُمَّ يَصْعَقون، والرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - يَقُول: لا أدري أَجُوزِيَ بنفخةِ الصُّور أم أَنَّهُ مِمَّنِ استثنى اللهُ، وموسى - صلى الله عليه وسلم - مات فِي الْأَرْضِ ودُفِنَ فِي الْأَرْضِ، ولا نَدْرِي هل أَنَّهُ يُرْفَع أو يَتَعَلَّق بقوائم العَرْش، وإنْ لم يَكُنْ مباشرًا له، وقد يُدَلَّى إليه شَيْء، لا نَدْرِي، فالمهمُّ أن هَذِهِ أمورٌ غَيْبِيَّة لا نُحِيط بها.
الْفَائِدَة الخَامِسَةُ: أن كُلّ أحدٍ يأتي يومَ القيامةِ صَاغرًا ذليلًا للهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لا فرقَ بينَ الملكِ والمملوكِ، والرئيسِ والمرءوسِ، لِقَوْلِهِ:{وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} كلٌّ؛ لِأَنَّ هَذَا التنوين عِوَض عن كلمةٍ، والتَّقْدير:(وكُلّهم)، أي: من فِي السَّماوَات ومن فِي الْأَرْض أتوُا اللهَ تَعَالَى داخرينَ.