للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٦)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَز وجلَّ: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} [النمل: ٦].

* * *

قوله: {وَإِنَّكَ} خِطَاب للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهَذَا الخطابُ مؤكَّد بـ (إن) ثُمَّ مؤكَّد بتأكيدٍ آخرَ، وَهُوَ قوله: {لَتُلَقَّى} لِأَنَّ اللامَ هذه للتَّوكيدِ، ويقال: إِنَّهَا اللام المزحْلَقَة، والمزحْلَق يعني المؤخَّر. يَقُولُونَ: إن الأَصْل أن تكونَ فِي أوَّل الكَلام، ولكِن لمّا كَانَ فِي أول الكَلام مُؤَكِّد غيرها صار الأنسب أن تؤخَّر؛ لِئَلَّا يَجتمِع مؤكِّدان فِي مكانٍ واحدٍ، وإلا هِيَ تُسمَّى لام التَّوْكيد. ومَحَلُّها فِي أوَّل الجملة، ولَكِنَّهَا زُحلقت من أجلِ أنَّ فِي أول الجملة مؤكِّدًا آخرَ.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ} يُلقى عليك بِشِدَّة {مِنْ لَدُنْ} من عند {حَكِيمٍ عَلِيمٍ} فِي ذلك ... ]، إِلَى آخره.

{لَتُلَقَّى} معنى التَّلقية: التلقينُ والإعطاءُ، لَقَّيْتُه كذا بمعنى لَقَّنْتُه إيَّاه إذا كَانَ ذِكرًا، وأعطيته إيَّاه إذا كَانَ عَينًا، وهنا القرآن ذِكْر لَيْسَ عينًا يُعطَى ولكِنَّه ذِكْرٌ يُلَقَّنُ، والنَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُلَقَّن القرآن، وَكَانَ إذا سَمِعَهُ مِن جِبريل فِي أوَّل الأَمْرِ يَتَعَجَّل - صلى الله عليه وسلم - بقراءته، فنهاه الله عن ذلك (١)، قَالَ: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦)} [القيامة: ١٦]


(١) انظر: صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب تفسير قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}، حديث رقم (٤٦٤٣)؛ صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب الاستماع للقراءة، حديث رقم (٤٤٨).

<<  <   >  >>