يَقْرَأَهُ كُلَّه. ثُمَّ إن الترتيبَ الطبيعيَّ يَقتضي هَذَا؛ لِأَنَّ الكتابَ واردٌ (من)(إلى) فيَقْتَضِي أن يبدأَ بالواردِ منه قبلَ الواردِ إليه.
فإذَنْ نَقُول: الأَولى أن يبدأَ الْإِنْسَانُ باسمِهِ إذا أرسلَ كتاباً إِلَى أحدٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ السنَّة المُتَّبَعَة.
وهل يُؤخَذ من هَذَا الكتابِ أَنَّهُ لا يُحتاج إِلَى ذِكْر المكتوبِ إليه؛ لِأَنَّهُ قَالَ:{إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ} ولم يقلْ: إِلَى مَلِكَةِ سبَأٍ؟
نَقُول: إِنَّهُ إذا دلَّ الدَّلِيل عَلَى المكتوبِ إليه فلا حاجةَ إِلَى ذِكْرِه، كما في قِصَّة سُلَيْمَان، فهنا احتمالُ أنْ يصلَ الكتابُ إِلَى غيرِ المكتوبِ إليه بعيدٌ، والمقصود ببَيَان المكتوبِ إليه أن يَتَعَيَّنَ ويصل إليه، وهنا إذا جاء الكتاب عَلَى هَذَا الوجهِ فَإِنَّهُ يحصُل به أكبر تعيينٍ، فنَقُول: إنَّهُ لا حاجة إِلَى ذِكره إذا كَانَ الأَمْر يحصُل بدونه، ولكِن مَعَ هَذَا ذِكره أَولى، لا سيما إذا كَانَ يَتَرَتَّب عليه شيءٌ فِي المستقبَلِ، فَإِنَّهُ إذا فَرَضْنَا أنَّ صَاحِبَه الَّذِي أُرْسِلَ إليه عُلِمَ وأَخَذَه، لكِن فِي المستقبَلِ لا نَدري مَنِ الَّذِي وُجِّه له هَذَا الخطاب، فذِكْرُه بلَا شَكّ أَولى.