الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ مَن لا يريد الحَقّ فَإِنَّهُ لا يَتَبَيَّن له، فالْإِنْسَان الَّذِي لا يريد الْحَقَّ يُحْرَم منه فلا يَتَبَيَّن له، لِقَوْلِهِم:{إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}[النمل: ٦٨]، فجَعَلُوا أبينَ الأُمُورِ وأصحَّ الأُمُورِ وأوكدَ الأُمُورِ جعلوه أساطيرَ، والأساطيرُ كما هُوَ معروفٌ هِيَ عبارةٌ عن كلامٍ لا أصلَ له غالِبُها أكاذيبُ، فهَذَا القَوْلُ تقدَّم لنا فِي التفسيرِ أَنَّهُ إنْ كَانَ عن عقيدةٍ فقد لُبِّسَ عليهم الحقُّ، وإن كَانَ عن إنكارٍ فقد جَمَعوا بين التكذيبِ بالحق وبين عيبِ الحقّ، يعني جمعوا بين أمرينِ: أَنَّهُم كذبوا وعابوه، وَأَمَّا إذا كَانَ هَذَا عن عقيدةٍ بمعنى أَنَّهُم لا يرون أن هَذَا حقيقة وَأَنَّهُ أساطير فيَكُون هنا قد لُبِّس عليهم الْحَقَّ بسبب أَنَّهُم لا يريدونه، ولَا شَكَّ أن من لا يريد الْحَقَّ فَإِنَّهُ لا يوفَّق له ولا يُيَسَّر له.
وبهَذَا نعرِف أَنَّهُ ينبغي لطالب العِلْم عندما يبحث عن مسألةٍ أَنْ يَبحثَ عنها؛ لأجلِ أن يصلَ إِلَى الْحَقَّ، لا لأجلِ أنْ ينصرَ قولَه - ونسألُ الله العافية - بمعنى: افرِضْ أنك اختلفتَ أنت وزميلُك فِي مسألةٍ، وأردتَ أن تحقِّق ما قلتَ، فأنت عندما تُراجِع وتبحث لا تجعل رائدك أن تنتصرَ لنفسِكَ، فإنك ربما تُحرَم الوصولَ إِلَى الحقِّ، لكِنِ