للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِيهِ إمامٌ مثل اليهودِ، والرياء للإِنْسَان فِيهِ إمام كالمنافقينَ، بل إنَّهُ من المنافقين، وهَكَذَا.

الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ: ذَمُّ الترفُّع عنِ الحقِّ؛ لِقَوْلِهِ: {وَعُلُوًّا} ولا فرقَ بين أن يَكُونَ ذلك عن حُسْنِ نيَّة أو لا، فهَذِهِ الطريقةُ مذمومةٌ ولو عن حُسْنِ نيَّةٍ، وقولنا: (ولو عن حُسن نية) ليَدْخُلَ فِي ذلك بعضُ المقلِّدين الَّذِينَ إذا عُرِضَ عليهم الدَّليل من الكتاب والسنَّة قَالُوا: نحن نَتَّبعُ فلانًا لِا. لهُ أعلمُ منك، هَذَا عن حسن نية فيما يبدو. وجه كونه عن حسن نِيَّة؛ لِأَنَّهُم يرون أن هَذَا الإمام الَّذِي اتبعوه أعلمُ منك وَيقُولُونَ: نحن جهَّال ولا نعرِف وَلَيْسَ لنا إِلَّا أنْ نُقَلِّدَ وهَذا الرجلُ أعلمُ منك.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّهُ إذا كَانَ هَذَا الوصفُ مذمومًا وفرعونيًّا؛ فإن عكسَه محمودٌ، والعكس هُوَ التواضُع للحقِّ وقَبُوله، هَذَا لَا شَكَّ أَنَّهُ ممدوحٌ؛ لِأَنَّ الله تَعَالَى إذا أثنى بالسوءِ عَلَى وصفٍ فإنَّ ضده يُثْنَى عليه بالحُسْن.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أَنَّهُ يَنبغي للإِنْسَانِ أو يَجِب أن يتفكَّر ويتأمَّل فِي عواقب مَن سبقَ؛ لِقَوْلِهِ: {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} وهل الْإِنْسَان ينظر فِي عواقب المفسدين أو فِي عواقب المفسدين والمصلحينَ؟

يَنْظُرُ فِي كِلَيْهِما.

إِذَنْ: ما فائدة الحِكْمَةُ من التخصيصِ هنا؟

نَقُول: لِأَنَّ المَقام مَقامُ تحذيرٍ، وإذا كَانَ المقام مقام ترغيبٍ فإنَّنا نَقُول للإِنْسَان: فانظرْ كيف كَانَ عاقبة المصلحينَ، قَالَ الله تَعَالَى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ} [هود: ١١٦]،

<<  <   >  >>