الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: وقد يُؤْخَذ منه أَنَّهُ لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه؛ لِأَنَّهُ إذا كَانَ الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى وَهُوَ أحكمُ الحاكمينَ لا يحكم بمجرَّد العلمِ حَتَّى تظهر الآثار، فالقاضي من باب أولى.
ولهَذَا ذكر أهل العلم أَنَّهُ لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه؛ لقول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا أَقْضِي بِنَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ"(١).
هَذهِ الفائدة قد يقال: إنَّهَا تُؤْخَذ، وقد يقال: إن هَذَا توسُّع فِي الاستدلالِ وإن هَذِهِ الفائدة لا تُؤْخَذ من هَذِهِ الآيَة.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أَنَّهُ يَنبغي للإِنْسَانِ أنْ يُخاطِبَ نفسَه بما تَقْتَضِيهِ الحالُ؛ لِقَوْلِهِ:{أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} فإنَّنا ذكرنا أن قوله: {أَمْ أَكْفُرُ} هَذِهِ العبارة شديدةٌ من أجلِ أنْ يَرْدَعَ نفسَه عن ممارسةِ كفرِ النعمةِ.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: أن الْإِنْسَان الَّذِي يشكرُ اللهَ لَيْسَ يُسْدِي إِلَى اللهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى نفعًا، أو يَدْفَع عنه ضررًا، وإنما هُوَ إذا شكر فَإِنَّمَا يشكر لنفسِهِ، فالمصلحةُ لنفسِه وليستْ لله.
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أن الشاكرَ يُثاب؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} ولم يقلْ: (عن نفسه)، فدلَّ ذلك عَلَى أن للشاكرِ ثوابًا يُجازَى به، وَهُوَ كذلك.
الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أن العاملَ عَمَلُه له، وَلَيْسَ لغيرِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنَّمَا يَشْكُرُ
(١) رواه البخاري، كتاب الحيل، باب إذا غصب جارية فزعم أَنَّهَا ماتت فقضي بقيمة الجارية الميتة ثم وجدها صاحبها فهي له ويرد القيمة ولا تكون القيمة ثمنًا، حديث رقم (٦٥٦٦)؛ ومسلم، كتاب الأقضية، باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة، حديث رقم (١٧١٣)، عن أم سلمة - رضي الله عنها -.