الْفَائِدَةُ الْأُوْلَى: إثبات كلامِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لِقَوْلِهِ:{نُودِيَ}، والنداء لا يَلْزَمُ منه القُرْب أو البُعْد، فقد يَكُون الله ناداه من بعيدٍ ثُمَّ قَرَّبَهُ نَجِيًّا كما قَالَ تَعَالَى:{وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}[مريم: ٥٢].
فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: الفِعْل هنا مبنيٌّ للمجهولِ، لم يُبَيَّن مَنِ المنادِي، فلا دليلَ فِيهِ عَلَى كلام الله، فما الجوابُ؟
الْفَائِدَةُ الْثَّالِثَةُ: أَنَّهُ ينبغي إيناس المُسْتَوْحِش، فيَنبغِي أن تقول له أو تفعل معه ما يُؤْنِسُهُ لِيَطْمَئِنَّ، ويَكُون قابلًا لما يُلْقَى إليه؛ لِأَنَّ المستوحِشَ لا يَقبل ما يُلقى إليه، بمعنى: أَنَّهُ لا يَتمَكّن من قبوله؛ لِقَوْلِهِ:{نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ} فإنَّ إثباتَ البركةِ لمِن فِي النَّار ومن حولها يَزداد به طمأنينةً بلَا شَكّ، ولهَذَا أوَّل ما خاطبهُ الله فِي هَذِهِ الآيَة قَالَ:{نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا}.
الْفَائِدَةُ الْرَّابِعَةُ: وفيه دليل عَلَى تنزيهِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عمَّا لا يَليق به؛ لِقَوْلِهِ:{وَسُبْحَانَ اللَّهِ}.