لِأَنَّ الفاعل غيرُ الشاهدِ، وهَذَا المسألةُ تَوْرِيَة كما تقدَّم، وإلَّا فمِنَ المعلومِ أنَّ مَن فعلَ فقد شَهِدَ، بل أبلغ، لكِن يُهَوِّن بعضهم الأَمْرَ عَلَى بعضهم حَتَّى لا يَكُون فِي أنفسِهِم شيءٌ، لكِن لتهوينِ الأَمْر عَلَى بعضهم يلقِّن بعضهم بعضًا.
والحاصل: أن هَؤُلَاءِ - والعياذ بالله - أرادوا هَذَا الفِعْل المنكَرَ وَهُوَ مَكْر؛ لِأَنَّهُ إتيانٌ لصالحٍ وأهلِهِ من حَيْثُ لا يَشْعَرُونَ، فإن الليلَ مَوْضِع السكونِ والهدوء، وإذا أحد اعْتَدَى عَلَى أحدٍ صار ذلكَ غَدْرًا ومَكْرًا، ولهَذَا حَتَّى فِي حربِ الْكُفَّار اختلفَ العُلَماءُ هل يجوزُ تَبْيِيت الْكُفَّارِ أو لا يجوز؟
فمِنَ العُلَماءِ مَن مَنَعَ التبييتَ وقال: لا يمكِن أن نقتلَ الْكُفَّار وهم غارُّونَ نائمون، ومنهم مَن أجازَ ذلكَ، والمسألةُ تَحتاج إِلَى تحرير بَحْث فِي هَذَا.