العلمِ، والثَّالثُ: الشكُّ، والرَّابع: العَمَى، يعني عَمَى القلب، والرَّابع أعلاها، يعني لَيْسَ عِنده عِلْم أبدًا، وأيضًا قد يَكُونُ عِنده علمٌ لَكِنَّهُ تَرَكَهُ وتَغَافَلَ عنه.
الْفَائِدَة الثَّانِيَةُ: أنَّ الْإنْسَان الَّذِي لا يريد الحَقّ يَكُون له باعتبارِ قبولِه مَرَاتِب بعضها أشدُّ من بعضٍ، أي أَنَّهُ ينتقل من الأدنى إِلَى الأعلى، ولهَذَا قَالَ أهل العلم: إن المَعاصِيَ بَريد الكفرِ، ومعنى بريد الكفر أَنَّهُ يَنتقل بها الْإِنْسَان من مرحلةٍ إِلَى مرحلةٍ كما ينتقل البَريد، والبريد هو الساعي بالمكاتِيبِ إِلَى بلادٍ أُخرى، وكانوا فِي الزمن الأول يجعلون الرُّسُلَ بالكتبِ عَلَى مراحلَ، كُلّ بريدٍ فِيهِ مَنْطِقَة، إذا وصل إليها وقفَ وأعطاه الثانيَ، ثُمَّ يسعى الثاني من هَذَا البريدِ رقْم واحد إِلَى البريد رقْم اثنينِ ثُمَّ يقف، ثُمَّ يأخذها من رقم اثنينِ إِلَى رقمِ ثلاثةٍ حَتَّى يُنتهَى إِلَى البلدِ. يفعلون ذلك لِئَلَّا يَشُقَّ عليهم متابعة السير من البلد إِلَى البلد، وهَذَا يَكُون أسرع، ولذلك سُمِّي البريد بريدًا لهَذَا السَّبَب؛ لِأَنَّهُم يجعلون فِي كُلّ مساحةٍ بريدًا منَ الْأَرْض، والبريد كما هُوَ معروف أربعةُ فَراسخَ، والفرسخُ ثلاثةُ أميالٍ، اضْرِب ثلاثةً فِي أربعةٍ باثني عَشَرَ، إذن البريد اثنا عشر ميلًا.
ولذلك كانوا قديمًا يستعملون فِي إيصال الخطاباتِ بسرعةٍ إمَّا البريد كما ذكرنا وَإمَّا الحمَام، فيُربَّى حمامٌ يطير من مَحَلّ إِلَى محل ويعلَّق فِي عُنُقه أو فِي أرجلِه الرسائل، وطبعًا الرسائل ليست كبيرةً، لكِن قد تكون مثلًا رموزًا وإشاراتٍ ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يعرِفها المكتوب إليه.
الشَّاهد: إن الْإِنْسَان إذا فعل معصيةً سواء اعتقاديَّة أو عملية فإن الشيطان يتدرَّج به من الأدنى إِلَى الأعلى حَتَّى يصل - والعياذُ بالله - إِلَى الكفرِ.
الْفَائِدَة الثَّالِثَةُ: أن أهل الإِيمان باليومِ الآخرِ يزدادون بها بصيرة؛ لِأَنَّ عندهم