الشرعِ أحيانًا تأتي أحكامٌ يَخفى عَلَى المرءِ وَجْهُ التفريق بينها وهي ثابتةٌ عنِ الشرعِ، ولكِنك تقول: الله تَعَالَى أتقنَ كُلّ شيءٍ.
ومن ثَمَّ أحدثَ العُلَماءُ أو الفقهاءُ مسائلَ سَمَّوْهَا بالتَّعَبُّدِيَّاتِ، وهم ما أحدثوها فِي الحقيقةِ، بل هِيَ مسائلُ ثابتةٌ لكِنّهم وَضَعُوا لها هَذَا الاسمَ:(التَّعَبُّدِيّ).
وَلَيْسَ معنى التعبديّ الَّذِي لَيْسَ له حكمة؛ لِأَنَّهُ ما من شيءٍ إِلَّا وله حكمةٌ، ولكِن معناه: الَّذِي تخفى حِكمته علينا، وَلَيْسَ لنا فِيهِ إِلَّا التعبُّد؛ كعددِ الرَّكَعَاتِ فِي الصلواتِ؛ وَكَوْن الصلواتِ خَمسًا؛ وكذلك أَشْيَاء كثيرة فِي الطهارةِ يَخْفَى عَلَى المرءِ حِكْمَتُها؛ وكذلك فِي الحجِّ.
فالمهمُّ أننا متى بَنَينَا اعتقادنا عَلَى هَذِهِ المسألةِ، وهي أن الله أتقنَ كُلّ شيءٍ، زالتْ عنّا شُبُهات كثيرةٌ.
الْفَائِدَة الثَّامِنَةُ: كمال علم اللهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وذلك بالخبرةِ الَّتِي هِيَ أخصُّ من مُطْلَق العلم، لِأَنَّ الخبرةَ كما سبقَ هِيَ العلمُ ببواطنِ الأُمُورِ، مأخوذةٌ من الخَبير؛ وَهُوَ المُزارع الَّذِي يَدْفِنُ الحبَّ فِي الْأَرْض فيَخْفَى.
الْفَائِدَة التَّاسِعَةُ: تحذيرُ المرءِ أن يعملَ ما يخالفُ حُكْمَ اللهِ؛ لِقَوْلِهِ:{إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ}.
فلو أنَّ أباك قَالَ لكَ: اذهبْ وافْعَلْ ما تريدُ، أنا أعلمُ بما تفعلُ، فما الَّذِي يَقتضي هَذَا؟
يقتضي هَذَا التحذيرَ، وأن تحذر من مخالفةِ أبيك، فكيفَ باللهِ عَزَّ وجلَّ الَّذِي هُوَ خبير بكل ما نفعلُ.