للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجميع دَفْعَة واحدة غيرُ لائق؛ لضياع المسؤولية، فلا بد أن يتقدم واحد، وكلما حُصِرَ الأَمْر كَانَ أقربَ إِلَى الفهمِ وإلى حصولِ المقصودِ؛ لِقَوْلِهِ: {قَالَ}.

الفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: توجيه الخطاب للجماعةِ، وإنْ كَانَ المتقدِّمُ رئيسهم؛ لِقَوْلِهِ: {أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ}.

الفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: وفيه دليل عَلَى جوازِ الغِلظةِ فِي القَوْلِ إذا كانت المصلحة فيه؛ لِأَنَّ هَذَا الأسلوب من سُلَيْمَان - صلى الله عليه وسلم - أسلوبٌ قويٌّ؛ إذ إننا قُلْنَا: إن الاسْتِفْهام فِي قوله: {أَتُمِدُّونَنِ} للتوبيخِ والتعجيبِ، يَعْنِي أَنَّهُ يوبخهم عَلَى فِعْلِهِم ويتعجَّب مِن فعلهم كيف يمدُّونه بمال وَهُوَ ملك ومعروف ومشهور.

الفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: وفيه دليل عَلَى أَنَّهُ يجوز للإِنْسَان أن يتحدث بنعمةِ اللهِ؛ لِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: {فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ}، ولكِن هل يتحدث بهَذِهِ النعمة عَلَى سبيل الافتخارِ أو عَلَى سبيلِ الافتقارِ والاستصغارِ؟

نرى أَنَّهُ عَلى حَسَب الحالِ، فمع العدوّ يجوز أن يتحدّث بها افتخارًا، ولذلك تجوز الخُيَلَاء فِي الحربِ (١)، مَعَ أنَّ الخيلاء محرَّمة ومنَ الكَبائِرِ (٢)، لكِن فِي الحرب لإغاظةِ العدوّ لا بأس بها.

فسُلَيْمَان عَلَيهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تحدث هنا بنعمة اللهِ افتخارًا -فيما يظهر لي- عَلَى


(١) انظر: سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في الخيلاء في الحرب، حديث رقم (٢٦٥٩)، سنن النسائي، كتاب الزكاة، باب الاختيال في الصدقة، حديث رقم (٢٥٥٨)، مسند أحمد (٥/ ٤٤٦) (٢٣٨٠٣)، عن جابر بن عتيك - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: صحيح البخاري، كتاب اللباس، باب من جر ثوبه من الخيلاء، حديث رقم (٥٤٥٥)؛ صحيح مسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم جر الثوب خيلاء ... ، حديث رقم (٢٠٨٥)، عن ابن عمر - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>