للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَةُ الْأُوْلَى: الإنكار عَلَى مَنِ استعجلَ بالسيئةِ قبلَ الحسنةِ، والاستعجال عَلَى نوعينِ: أحدهما: استعجالٌ بالقَوْلِ، بأَنْ يَقُوُلوا: {ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [العنكبوت: ٢٩]، {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ} [الأنفال: ٣٢]، واستعجال بالفِعْل والحال؛ بأن يسلكوا مسلكًا يَكُون به العذابُ، وذلك بالمَعاصِي؛ فإن المعصيةَ استعجالٌ بالعذابِ بلَا شَكّ.

فالَّذِينَ يَعصون الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى معناه أَنَّهُم استعجلوا عذابهم، حَيْثُ إِنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أخبر بأن المَعاصِيَ سببٌ للعقوبةِ والعذابِ، فإذا صار الْإِنْسَان يمارس هَذِهِ المَعاصِيَ فَإِنَّهُ يَقُول بلسانِ حالِه: أين العذابُ، لِأَنَّ الله تَعَالَى رتَّب العذاب عليها، ففاعلها يَقُول: هاتِ؛ لِأَنَّ فاعل السَّبَب يُريد وقوع المسبَّب.

وَعَلَى هَذَا فإذا رأيت الأمَّةَ عَلَى معصيةِ الله وإن لم تقلْ: أين عذاب الله وأين ما وعدتم به؟ فإنها فِي الحقيقة تَستعجلُ عذابَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى، فالاستعجال يَكُون بقال الْإِنْسَانِ وحالِه.

الْفَائِدَةُ الْثَّانِيَةُ: نُصْح الرُّسُلِ لِأُمَمِهم؛ لِأَنَّ إنكار صالحٍ عَلَى قومِه لأنه يريد منهم أن يَستقيموا عَلَى أمرِ اللهِ، ولهَذَا قَالَ: {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الاستغفارَ سببٌ لرفع العقوبةِ؛ لِقَوْلِهِ: {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ} وَهُوَ كذلك، فإن الاستغفار سببٌ لرفعِ العقوبةِ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن الاستغفار سببٌ لِجَلْبِ الرَّحْمَةِ، وَهُوَ أمر فوقَ دَفْعِ العقوبة؛ لِقَوْلِهِ: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، وقد قَالَ نوحٌ لِقَوْمِهِ: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ

<<  <   >  >>