كُلّ هَذَا مِنَ الحِكايات الَّتِي لا دليلَ عليها فِي الْقُرْآنِ، فكونه دَلَّهم عَلَى الماء فاستخرجوه وارْتَوَوْا وتوضئوا وصَلَّوْا أيضًا أين هَذَا فِي الْقُرْآن؟ ! لَكِنَّنَا نَقُول: هَذَا لا دليلَ عليه، ولا يجوزُ لنا أنْ نَعْتَقِدَهُ، ولا أن نُكَذِّبَه، هَذَا إذا صحَّ عن بني إسرائيلَ؛ لأنه تُوجَد آفةٌ أيضًا وهي أَنَّهُ يوجد بيننا وبينَ بني إسرائيلَ طَريق مِمَّن رَوَاهُ عن بني إسرائيل، فإذا صحَّ عن بني إسرائيلَ وأنهم ممَّا حَدَّثُوا به هَذِهِ الأُمَّة نَقُول فيه: إنَّهُ لا يُصَدَّق ولا يُكَذَّب، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْء يُعارِضُ كِتَابَنا، ولا فِي كتابنا ما يُؤَيِّده، وإلَّا لو كَانَ فِي كتابنا ما يؤيده قَبِلْنَاه، ولو كَانَ فِي كتابنا ما يُعارِضه رَدَدْنَاهُ.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفَائِدَة الْأُوْلَى: أَنَّهُ يَنبغي التثبُّت فِي الخبر، لا سيما عند قيام الشُّبُهات، وما هِيَ الشبهةُ القائمةُ هنا؟ أنَّ الهدهدَ قَالَ ذلكَ مُدافعةً، وإن كَانَ بعيدًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ:{وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ}[النمل: ٢٢]، لكِن لمَّا كَانَ هَذَا مَقامَ دفاعٍ، فَإِنَّهُ يَنبغي أن يَتَثَّبتَ الْإِنْسَانُ أكثرَ؛ ولهَذَا قَالَ:{سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}[النمل: ٢٧]، مَعَ أَنَّهُ قال:{بِنَبَإٍ يَقِينٍ}[النمل: ٢٢].
وهَذَا نظيرُ ما وقع لأميرِ المُؤْمِنيِنَ عمرَ بنِ الخطَّابِ مَعَ أبي مُوسَى الأشعريِّ، حَيْثُ استأذن عليه ثلاثًا وانصرفَ، فلمَّا عاتبَهُ بَعْد ذلكَ قَالَ: هَكَذَا أَمَرَنَا رسولُ اللهِ