[الآية (٢٨)]
* * *
* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} [النمل: ٢٨].
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [ثمَّ قَالَ لِلْهُدْهُدِ: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ}].
إِذَا قَالَ قَائِلٌ: قوله: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا} يَقتضي أَنَّهُ صَدَّقَه، لِأَنَّ قوله: {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ} يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ صَدَّقَهُ فِي ذلك، ولهَذَا كتب لهم، أو يقال: هَذَا من جملةِ الاختبارِ، يعني أَنَّهُ إذا كَانَ كاذبًا فسيقول: ما وجدتُ أحدًا، مثلًا، فيَكُون هَذَا من جملةِ وسيلةِ الاختبارِ العائدةِ عَلَى قوله: {سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ}؟ وقد يقال: إن فِي قوله: {سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ} تقديرًا: فنظرَ وتحَقَّقَ صِدْقَه فأعطاه الكتابَ، واللهُ أَعْلَمُ بما جَرَى؛ فإمَّا أنْ يَكُونَ هَذَا الكتابُ من جملة اختبارِهِ، مثلما لو أخبركَ إِنْسَانٌ بخبرٍ تقولُ له مثلًا: اذهَبْ وائتِ لي مِنه ذِكرًا، أيضًا لو قَالَ مثلًا: تباع السلعةُ الفلانيَّة الْآنَ فِي السوقِ قلتَ له: خذِ اذهَبْ وائتِ لي مِنْهَا شيئًا، من أجلِ أنْ أختبرَ هل هُوَ صحيحٌ أو لا، وإن كَانَ ظاهرُ فِعلي لمَّا أَعْطَيْتُه الفلوسَ لِيَشْتَرِيَ أنَّني صَدَّقْتُه، لكِنْ قد يَكُونُ هَذَا من وسائلِ الاختبارِ.
فالحاصل: إذا كَانَ سُلَيْمَان عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَاَلسَّلَامُ حَقَّقَ هَذَا الأَمْرَ ثُمَّ أرسلَ بالكتابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute