الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أَنَّهُ يجوزُ اختبارُه وإنْ كَانَ المُخْتَبِرُ يَعْلَمُ مآلَهُ، هل يمكن أن نأخذَ هَذهِ الفائدةَ أو نَقُول: إن هَذَا خَاصّ بما يتعلق باللهِ؟
نَقُول: أَمَّا بالنِّسْبَةِ للهِ فهَذَا أمر واقع، لكِن بالنِّسْبَة للإِنْسَانِ فقد تختبر الْإِنْسَان وأنت تعرِف مآلَه، هَذَا يُنظر فِيهِ إِلَى المصلحةِ، قد يَكُون محرَّمًا كما لو أردتَ أن تُظْهِرَ ضعفَه أمامَ النَّاسِ وتُخْجِلَه، وقد يَكُون واجبًا كما لو كَانَ إِنْسَانًا داعيةً إِلَى ضلالةٍ وأردتَ أنْ تَخْتَبِرَهُ لِيَتبَيَّنَ أمرُه للناسِ، وأنت تعرف أَنَّهُ لَيْسَ عنده جواب لما اختبرتَهُ به، لكِن تريد أن تُظْهِرَ للناسِ أمرَه، فَهُوَ بالنِّسْبَةِ لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى ممدوحٌ كلُّه؛ لِأَنَّ الله يعلم المآلَ، لكِن بالنِّسْبَةِ للإِنْسَانِ فاختباره عمّا يعلم مآله عَلَى حسَب المصلحة والفائدة.
وفي هَذَا إشكال أَنَّهُ حَيْثُ قد يقال: أليس الله تَعَالَى يعلم بما يَؤُول إليه الأَمْرُ؟
فالجواب: بلى.
إِذَنْ: ما فائدةُ الاختبارِ وَهُوَ يعلم؟
لِيَترَتَّبَ الجزاءُ عَلَى ظاهرِ الحالِ؛ لِأَنَّ الله لو جازى الْإِنْسَان عَلَى ما يعلم من حالِهِ قبل أن يَبْلُوَهُ لكانَ ذلك ظُلمًا فِي ظاهرِ الحالِ، فإذا ابتلاه فأطاع أو عصاه تَبَيَّنَ الأَمْرُ، فيَكُون هنا الفائدة عظيمة؛ وهي ظهور أثر هَذَا الشَّيْء للناس، وَأَنَّهُ لَيْسَ بظُلْمٍ منَ اللهِ تَعَالَى إذا خالف، وظهور أيضًا نعمة الله عَلَى العبد العاملِ إذا أطاع حَيْثُ يشكر الله سعيَه.
فالحاصل: أن الابتلاءَ بمثل هَذِهِ الأُمُور نَقُول: فائدته أن يجريَ الجزاء عَلَى ظاهرِ الحالِ، لا عَلَى علمِ اللهِ.