الْفَائِدَة الأُولَى: بَيَان نعمة الله تَعَالَى بجعل الْأَرْض قَرارًا لأهلها، واستدلَّ بها بعضهم عَلَى أن الْأَرْض تدورُ؛ لِأَنَّ كونها قرارًا مَعَ عدمِ الدَّورانِ لا يَتَبَيَّنُ فِيهِ تمامُ القُدرةِ والنعمةِ، وإنما يَتَبَيَّن ذلك فيما إذا كانت دائرةً، وهَذهِ الفائدةُ يُناقَش فيها وغيرُ مُسَلَّمَة؛ لأنَّنا نَقُول: لا يَلْزَم من المَيَدَان الدَّوران، وحقيقة أَنَّهَا لولا أن الله جعلها قرارًا لكانت تَمِيد بأهلها، وَأَمَّا أَنَّهُ يَلْزَم أن تكون تدور فهَذَا لَيْسَ بلازم.
الْفَائِدَة الثَّانِيَةُ: ما أنعمَ الله به عَلَى العبادِ مِن هَذِهِ الأنهارِ المُتَخَلِّلة للأرض ظاهرًا وباطنًا؛ لِقَوْلِهِ:{وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا}.
الْفَائِدَة الثَّالِثَةُ: ما أنعمَ الله به فِي هَذِهِ الرواسي الَّتِي هِيَ الجبالُ الَّتِي هِيَ راسيةٌ بنفسها مُرْسِيَة للأرضِ أيضًا {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا}[الرعد: ٣]، وَفِي سورة فُصِّلَتْ قَالَ:{رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا}[فصلت: ١٠].
قَالَ أهل العلم البَيولوجِيُّون: إن كون هَذِهِ الرواسي - أي كون الجبال المُرْسِيَة للأرضِ - من فوقها دون أن تكونَ من أسفل - أي: فِي باطن الْأَرْض - فِيهِ فوائدُ كثيرةٌ وعظيمة؛ فوائد للطقسِ وفوائد للنباتِ وفوائد للمعادِنِ، إِلَى غيرِ ذلكَ ممَّا هُوَ معلومٌ عند أهلِ العلمِ بذلك، يَقُولُونَ: وأنت إذا نظرتَ إِلَى سلاسلِ الجبالِ الَّتِي عَلَى البحارِ عَرَفْتَ بها قَدْرَ هَذِهِ النعمةِ العظيمةِ، لا سيما ما يأتي من الجهاتِ الباردةِ، حَيْثُ هَذِهِ الرواسي تَصُدُّ تلك الرياحَ الباردةَ الَّتِي تضرُّ.
فالمهمُّ أن فيها فوائدَ عظيمةً؛ لِكونها من فوق الْأَرْض، ولكِن هَذَا لم يُذْكَرْ هنا وإنما ذُكِرَ فِي سورة فُصِّلَتْ.