وتأدَّبوا، فلمَّا حَضَروه قَالُوا: أَنصِتوا {فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ}[الأحقاف: ٢٩]، وأيضًا لمّا سمِعوا الْقُرْآن قَالُوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: ١ - ٢]، فوَرَثَة الأَنْبِياء مِن أهلِ العلمِ يمكن أنْ يحضُرَهُمْ أناسٌ من الجنّ يَنتفعون بعلمهم، وَلَيْسَ هَذَا ببعيدٍ، والغالب أن الجنّ لا يُرَى، فالجنّ مثل الملائكةِ، الأَصْل أَنَّهُم عالم غيبيّ، لكِن قد يُرَوْنَ.
فإِذَنْ نَقُول: ما كَانَ قد حدثَ من قبلُ أو هُوَ الْآنَ موجودٌ فليسَ من علم الغيبِ، فمَنِ ادَّعى معرفتَه لم يكنْ مكذِّبًا لله ورسولِه.
الْفَائِدَة الثَّالِثَةُ: وَفِي قوله: {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} إشارة إِلَى أن الله تَعَالَى فِي السَّماوَات، فيفيد أن الله فِي العُلُوّ، وقد خرَّج العُلَماء ذلك عَلَى أن {فِي} بمعنى (على) أو أن المُراد بالسَّماوَات الجهاتُ العليا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى فوقَ العَرْش وَلَيْسَ عَلَى نفسِ السَّمَاء.