الْفَائِدَة الرَّابِعَةُ: أن عاقبةَ المجرمينَ وَخيمة؛ لِقَوْلِهِ:{فَانْظُرُوا كَيْفَ}، {كَيْفَ} هَذِهِ للتعظيمِ، أي أن عاقبتهم عظيمةُ الوخامةِ.
الْفَائِدَة الخَامِسَةُ: أن العِبرة بالعاقبةِ لا بالمبتدَإِ؛ لِقَوْلِهِ:{كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ} فإذا رأيتَ هَذَا المجرِمَ قد نُعِّمَ فلا تظنَّ أَنَّهُ عَلَى حقٍّ، بل المعتبَر العاقبة، وستكون عاقبتُه وخيمةً.
الْفَائِدَة السَّادِسَةُ: أَنَّهُ أيضًا لا تَعْتَبِر الفرد فقط، فإنَّ مِنَ المجرمينَ مَن يبقى فِي تنعيمِه حَتَّى يموتَ، لكِن العِبرة بالكلِّ؛ ولهَذَا قَالَ:{كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} فإن المجرمينَ مهما كانوا لا يمكِن أن يستقرَّ لهم قَرارٌ.
فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: فِي الوقت الحاضرِ الْآنَ لا نرَى أن المجرمين عُوقِبوا، بل إنَّهُم مُنَعَّمُونَ غاية التنعُّم؟
فيقال: إن هَذِهِ الأُمَّة قد عهِد الله إِلَى نبيها - صلى الله عليه وسلم - ألا يُعَذِّبَهُم بسَنَةٍ عامَّة (١)، ولَكِنَّنَا
نرَى فِي هَؤُلَاءِ المجرمين مِنْ جَعْلِ البأسِ بينهم وتفرُّقهم، وكذلك أيضًا عدم استقرارهم ما هُوَ عُقُوبة، فإن الَّذِي يَخْرُجُ إِلَى تلك الأُمَمِ يجد أَنَّهُم ليسوا مستقرِّين، حَتَّى إننا نَسمع أنَّ الْإِنْسَان ما يأمَنُ أن يجعلَ فِي جيبه دراهمَ، وَأَنَّهُ لو وُجِدَ فِي جيبه دراهم قُتِل، ولذلكَ لا يَتعامَلون هناكَ إِلَّا بالأوراقِ؛ أَوْرَاق التحويلِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا بِاسمٍ خَاصٍّ نَسِيتُه؛ أوراقٌ يُكْتَب فيها أن هَذِهِ تُمَثِّل كذا دولار، لِأَنَّهُم لا يمكن أن يَتَعَامَلوا بالدراهمِ حتى لا يُقتل الْإِنْسَان.
(١) رواه مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض، حديث رقم (٢٨٨٩)، عن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.