[الآية (٧٨)]
* * *
* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٧٨)} [النمل: ٧٨].
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ} كَغَيْرِهِم يومَ القيامةِ {بِحُكْمِهِ} أي: عَدْلِه {وَهُوَ الْعَزِيزُ} الغالِب {الْعَلِيمُ} بما يَحْكُم به؛ فلا يمكِّن أحدًا مخالَفَتَه كما خالفَ الْكُفَّارُ فِي الدُّنْيا أنبياءَهُ].
قوله: {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ} أي: بين بني إسرائيل؛ لِأَنَّ السياقَ فيهم، ولهَذَا قَالَ: {أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} والمختلِفون يحتاجون إِلَى مَن يَحْكُمُ بينهم أيّهم عَلَى الصَّوابِ، فحُكْمُ اللهِ بينهم فِي الدُّنْيا ويَحْكُمُ بينهم يومَ القيامةِ، حَكَمَ بينهم فِي الدُّنْيا بما أنزله فِي الْقُرْآن المستفاد من قولِه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}. ويحكمُ بينهم يومَ القيامةِ بالحكم العدلِ.
فمن جُملةِ ما قصَّ الله علينا فِي الْقُرْآن القضاءُ بين بني إسرائيلَ، فبنو إسرائيلَ اختلفوا فِي أَشْيَاءَ؛ كاختلافِهِمْ فِي المَسيحِ علَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وغيرِهِ، فحكمَ اللهُ بينهم بالْقُرْآن بأن هَؤُلَاءِ مُصيبونَ وهَؤُلَاءِ مخطِئون، فبيَّن أن اليهودَ أخطأوا والنصارى أخطأوا أيضًا، والمعتدِلون مِنَ النصارى أصابوا، لكِن الحكم الَّذِي يترتَّب عليه الثوابُ والجزاءُ يَكُون يومَ القيامةِ، فهنا الحكمُ فِي الدُّنْيا ما يَتبين به الْحَقَّ منَ الباطلِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute