الجواب البيِّن أن نَقُول: إن الحِكْمَةَ قد تَخفى عَلَى بعضِ النَّاسِ، فخَفاؤها علينا هنا لا يَقتضي أَنَّهَا ليستْ معلومةً عند اللهِ، فكأنه جمعَ بينهما لِيَتبَيَّنَ أن هذه الحِكْمَةَ معلومةٌ عندَ اللهِ، وإنْ خَفِيَتْ علينا، فَهُوَ حكيمٌ عليمٌ يَضَعُ الأَشْيَاءَ فِي مواضِعِها، وإنْ خَفِيَ علينا ذلك. فلا نَقُول: إنَّهُ إذا شَرَعَ الله شيئًا أو قضَى بشيءٍ فهَذَا لَيْسَ عن علمٍ؛ بل هُوَ عن علمٍ، حَتَّى لو فُرض أننا نحن لم نعلمْ حِكمته ووجهته، فهَذَا هُوَ وَجه الجمعِ فِي الْقُرْآنِ الكريمِ فِي آياتٍ كثيرةٍ بينَ العلمِ والحِكْمَةِ.
الخلاصة أن نَقُول: لمَّا كانت الحِكْمَة تَخفى عَلَى العبادِ قَرَنَها الله تَعَالَى بالعلمِ لِيَطْمَئِنَّ المرء إِلَى أن هذه الحِكْمَة معلومة عند الله عز وَجَلَّ، وإن كانتْ خافيةً علينا.
[من فوائد الآية الكريمة]
الْفَائِدَةُ الْأُوْلَى: التأكيد بـ (إن) و (اللام) عَلَى أن الْقُرْآن من عندِ اللهِ.
الْفَائِدَةُ الْثَّانِيَةُ: أن الْقُرْآن كلامُ اللهِ؛ لِأَنَّهُ نزل من لدنه، والْقُرْآن صفة المتكلّم.
الْفَائِدَةُ الْثَّالِثَةُ: دفاع الله تبارَكَ وَتَعَالَى عَن أهلِ ولايته؛ لِأَنَّ هَذَا لَا شَكَّ أنَّهُ دفاع من الله جل وَعلَا عن الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم -.
الْفَائِدَةُ الْرَّابِعَةُ: إثبات العلم والحِكْمَة.
الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ: إثبات نبوَّته ورسالته.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: مُراعاة المقام فِي التَّعبير يُعتبر من الفصَاحة، فغالب الآياتِ يقدّم العلم عَلَى الحِكْمَة، وأحيانًا تُقدَّم الحِكْمَة عَلَى العلمِ.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنَّ حِكمة اللهِ تبارَكَ وَتَعَالىَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى العلمِ، والظَّاهر أن العلمَ سابِقٌ حَسَب ذِهن الْإِنْسَان، فإن العلم يَسبق الحِكْمَةَ، كيف تدري هَذَا مناسب