للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٢٩)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: ٢٩].

* * *

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [ثمَّ {قَالَتْ} لِأَشْرَافِ قَوْمِها: {يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ}] ,و {الْمَلَأُ} كما بَيَّن المُفَسِّر همُ الأشراف، وهنا نادتهم: {يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ} إشارة إِلَى عُلُوّ مَرْتَبَتِهِمْ فِي دَوْلَتِهِم؛ لِأَنَّ {يَاأَيُّهَا} ما تكون إِلَّا للبعيدِ، ما قالتْ: يا مَلأُ، بل قالت: {يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ}.

ثم قَالَ: {يَاأَيُّهَا الْمَلَؤُا إِنِّي} بتحقيقِ الهمزتينِ]، (الملأُ إِني) [وتسهيل الثَّانِيَةِ بِقَلْبِها واوًا مكسورةً]، (يَا أَيُّها المَلَأُ وِنِّي)؛ لِأَنَّهُ إذا جاءتِ الهمزةُ بعدَ الضمِّ جازَ أنْ تُقْلَبَ واوًا فِي اللُّغةِ العَربِيَّةِ، ومنه قولُ كَثيرٍ مِنَ المؤذِّنينَ: اللهُ وَكبر؛ لِأَنَّهُ يجوز: اللهُ أكبرُ ويجوزُ: اللهُ وَكْبر، فالهمزة إذا وقعتْ بَعْد ضمٍّ يجوزُ أن تُسَهَّل إِلَى واوٍ عَلَى حسَب الحال إن كَانَ يَقْتَضِي الكسرَ كُسِرَتْ أو يَقتضي الضمَّ ضُمَّت أو الفتح.

قال رَحِمَهُ اللَّهُ: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} مَخْتُوم]، يعني فَسَّرَ الكريمَ بالمختومِ؛ لأنَّ خَتْمَه دليلٌ عَلَى أَهَمِّيَّتِه، فالكتبُ والرسائلُ المختومةُ يُعْتَنَى بها، وحتى الْآنَ إذا كَانَ الشَّيْء مهمًّا تَجِده يُخْتَم بالشَّمْع ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِئَلَّا يُزَوَّر، ولكِنَّ تفسيرَ الكريمِ بالمختومِ لَيْسَ بصحيحٍ؛ لِأَنَّ الختمَ دليلٌ عَلَى كَرَمِه، وَلَيْسَ هُوَ معنى كَرَمه، فالكريمُ معناه: المتضمِّن للمعاني العظيمةِ المُؤثِّرة.

وفي قولها: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ} ما قالتْ: أَلقَى الهدهدُ؛ لِأَنَّ الظَّاهرَ أَنَّهُ مَرَّ ثُمَّ حَذَفَه

<<  <   >  >>