لو كَانَ معه ربٌّ آخرُ لم يكنِ اللهُ تَعَالَى ربًّا للعالمينَ، بل ربًّا لبعضِ العالمينَ، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ربُّ العالمينَ.
وقد ذكر اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ لا يمكِن أنْ يَكُونَ مَعَ الله إلهٌ آخرُ عَقْلًا، فقال:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء: ٢٢]، ولم تَفْسُدا، فدلَّ عَلَى امتناعِ تَعَدُّدِ الآلهةِ، فامتناع فسادهما دلَّ عَلَى امتناع تَعَدُّدِ الآلهة. وقال تَعَالَى:{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ}[المؤمنون: ٩١]، وهَذَا أمرٌ لم يَكُنْ.
فإثبات وَحدانِيَّة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي رُبُوبيَّته معلوم، حَتَّى المشركون فِي عهد الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - كانوا يُقِرُّونَ بوَحْدَانِيَّتِه فِي الرُّبُوبِيَّة.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: ثناءُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى نفسِه، وأن ذلك من كماله؛ فَإِنَّهُ أثنى عَلَى نفسه بِقَوْلِهِ:{وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أثنى عَلَى نفسِهِ بنفيٍ وإثباتٍ؛ النفي:{سُبْحَانَ اللَّهِ} والإثبات: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
ومن هنا نعرِفُ أَنَّهُ لا يَتِمُّ كمال الأوصاف إِلَّا بهذينِ الأَمْرينِ، وهما: النفي والإثبات؛ لِأَنَّ إثبات الكمالات فقط لا يَدُلّ عَلَى نفي النقائصِ، ونفي النقائص فقطْ لا يَدُلّ عَلَى إثباتِ الكمالاتِ، وباجتماعهما يَحصُل الكمالُ المطلَق، ولهَذَا قَالُوا: لَا بُدَّ من تَخْلِيَةٍ وتَحْلِيَةٍ.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أن جميع الخلق مَرْبُوبُونَ لله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، يَتَصَرَّف فيهم بمُقتضى رُبُوبِيَّتِهِ؛ لِقَوْلِهِ:{رَبِّ الْعَالَمِينَ} ولهَذَا حُكْمُ الرُّبُوبِيَّة ما أحد يَستطيع أن يخالفَه.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أن أرض الشام مُبارَكة؛ لِقَوْلِهِ:{وَمَنْ حَوْلَهَا}.