للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} حُجَّتَكُم {نْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أنَّ مَعِيَ إلهًا فعلَ شيئًا مِمَّا ذُكِرَ].

والجواب: أَنَّهُ لا يمكِن أنْ يأتوا ببرهانٍ، وجواب (إنِ) الشرطيَّة محذوفٌ، دلَّ عليه ما قبله عَلَى رأيِ كثيرٍ من النحْويين، والصَّحيحُ أَنَّهُ فِي مثلِ هَذَا لا يُحتاج إِلَى جواب.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [وسَأَلُوه عن وقتِ قيامِ الساعةِ فنَزَلَ {قُلْ لَا يَعْلَمُ}]، ما ادَّعاه المُفَسِّر من أنَّ الآيَةَ لها سببٌ لا صِحَّة له، ولكِنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى انتقلَ من ذِكر الخلق إِلَى ذكر ما يَلْزَمُ للخلقِ وَهُوَ العلمُ، فإن الخلقَ لَا بُدَّ أنْ يَتَقَدَّمَهُ علمٌ؛ إذ لا يتمُّ الخلقُ إِلَّا بعلمٍ وقُدرةٍ، فمَن لا عِلْمَ له لا يَخْلُق، ومن لا قُدْرَة له لا يَخْلُق، فالآيَة فيها انتقال من معنًى إِلَى معنًى، وَلَيْسَ لها سببٌ كما قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: بَيَان قُدْرَةِ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي بَدْءِ الخلقِ وإعادتِهِ، ولا أحدَ يستطيعُ بَدْءَ الخلق وإعادته أبدًا إِلَّا الله، وَالَّذِي قَالَ لإبراهيمَ {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} [البقرة: ٢٥٨]، جوابهُ أنَّ هَذَا يفعلُ السَّبَب، وَأَمَّا أن يُحْيِيَ فيجعل الحياة فِي ميّت فلا يستطيع، أو يميت فيُخرِج النفس من البدنِ فلا يستطيع، ومع ذلك ما اقتنع؛ فعَدَلَ إبراهيمُ إِلَى أمرٍ لا يمكن أن يجادلَ فيه، ومن المعروفِ أن فِي باب المناظراتِ يُلجأ إِلَى الأظهرِ فالأظهر.

إِذَنْ: قوله تَعَالَى: {أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} واضح أنَّهَا مختصّة باللهِ وَأَنَّهُ لا أحد يستطيعه.

<<  <   >  >>