للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالفرارِ، ويتحرَّز بالمُدافعةِ، وَيتَحَرَّز بالصِّياح لِمَن حَوْلَه، ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ قَوْلنا: إنَّهُ عَلَى خُفيَة أَنَّه لا يوجدُ عندَه أحدٌ؛ لأَنَّ الغالبَ أَنَّهُ لا يُقْتَل إِلَّا إذا كَانَ لا يوجد عنده أحد، لكِن الكَلام عَلَى غِرَّة منَ المقتولِ، هَذَا هُوَ قَتْل الغِيلة.

فهَؤُلَاءِ الجماعة تَقَاسَمُوا عَلَى هَذِهِ الفِعْلة القَبِيحَة المُشِينة، ولكِنهم لم يحصُلْ لهم تنفيذُ ما أرادوا؛ لِأَنَّهُم مَكَرُوا، ومكرَ اللهُ، واللهُ خيرُ الماكرينَ.

هل يجوزُ سلوكُ مبدإِ الاغتيالاتِ مَعَ الأعداءِ؟

إنْ كَانوا يَسْلُكُونه معنا سلكِناه معهم، قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦].

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: وَفِي قوله: {لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ} دليل عَلَى إنكارِ المدَّعي، وهَذَا شَيْء واضح، أَمَّا الفاعل للسيئة فلا يُهِمُّه أن يُنْكِر فِعْلَه، يَعْنِي: مَن قتلَ يهون عليه أن يُنْكِرَ القتلَ؛ لِأَنَّ القتلَ أعظمُ من إنكارِه، فلهَذَا قَالَ: {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ}.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ البَيِّنَة عَلَى المدَّعِي واليمينَ عَلَى مَن أنكرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا أن هَذَا القَوْل يُبَرِّئهم ما صحَّ أن يَتَّفِقُوا عَلَى اتِّخاذِهِ حُجَّةً؛ يَقْتُلُونه ويَقُولُونَ: {مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ}، فاتَّفَقُوا عَلَى هَذَا، دلَّ هَذَا عَلَى أنَّ الإنكار يُبَرَّأُ به المُدَّعَى عليه، ووَجْهه: أَنَّهُ لولا أن ذلك يُبَرِّئُهم لم يَنْفَعْهُم الاتفاقُ عليه؛ لِأَنَّهُ لو قَالُوا: ما شهدنا مَهْلِكَهُم سيقال: أنتم القاتلونَ، فهَذَا أيضًا دليلٌ عَلَى أنَّ البيِّنة عَلَى المدَّعي واليمين عَلَى مَن أنكرَ.

فإذا ادَّعَى شخصٌ أن هَذَا الرجلَ قتلَ والدَه، نَقُول له: هاتِ بيِّنَةً، فإذا لم يأتِ

<<  <   >  >>