الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ البلاءَ موكلٌ بالمَنْطِق، وأن الْإِنْسَان إذا استعجلَ الشَّرَّ وقعَ فِيهِ؟ ؛ لِقَوْلِهِ:{عَسَى أَنْ يَكُونَ}، وعسى - كما قَالَ ابن عباس - إذا جاءتْ فِي كلامِ اللهِ فهي للوجوبِ (١)؛ لِأَنَّ معناها التوقُّع، وأن هَذَا أمرٌ قد حانَ وَقْتُه؛ إذ إنَّ الترجِّيَ بالنِّسْبَةِ إِلَى اللهِ غيرُ مُمْكِن؛ لِأَنَ الترجِّيَ طلبُ ما فِيهِ عُسْرٌ، ولا شَيْء عسير عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ.
الْفَائِدَة الثَّانِيَةُ: سَعَة حِلْمِ اللهِ؛ لِقَوْلِهِ:{قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي}(بعض) دون الجميع، وهَذَا من حِلْم اللهِ تَعَالَى عَلَى عِبَاده، فإنّ هَؤُلَاءِ المكذِّبين لِرُسُلِهِ المنابِذِينَ لهم المتحدِّينَ لهم يُقَال لهم:{عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} وَلَيْسَ هَذَا بأوَّل دليلٍ عَلَى حِلْمِ اللهِ؟ بل له أمثلة كثير فِي الْقُرْآنِ؛ مِنْهَا قوله تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ}[البروج: ١٠]، يُحْرِقون أولياءَهُ بالنَّار وَيعْرِض عليهم التوبةَ، فهَذَا من أعظمِ الحِلْمِ؛ لِأَنَّهُ لو رُدَّ الأَمْرُ إِلَى