للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مراعاةِ العدلِ لأحرقَ اللهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أحرقوا أولياءَهُ، ولا يَعْرِض عليهم التوبةَ، ولكِنَّ حِلْمَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى واسعٌ، ورَحْمَته سَبَقَتْ غَضَبَهُ.

فهنا قَالَ: {رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي} لا كُلّ الَّذِي تَسْتَعْجِلون، ونَقُول: هَذَا فضلٌ، وباب الفضل أبلغُ فِي الكمالِ، فهَذَا فضلٌ لِأَنَّ العدلَ أن يُعَاجِلَهُمْ بالعقوبةِ؛ لِأَنَّهُم فعلوا الذنبَ، وفاعلُ الذنبِ يُعاقَبُ عليه، بل هَذَا فضلٌ، والفضل أعلى من العدلِ، والله تَبَارَكَ وَتَعَالى مُعَامَلته لعبادِهِ دائرةٌ بينَ الفضلِ والعدلِ، وهناك أمرٌ ثالثٌ وَهُوَ الجَوْر؛ فإن المعاملة قد تكونُ جَوْرًا أو عدلًا أو فضلَّا. والجورُ مُمْتَنِعٌ فِي حقِّ اللهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: ٤٩]، والعدلُ والفضلُ حُكْمه بين عِبادِهِ دائرٌ بينهما، ولهَذَا قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠)} [النحل: ٩٠].

* * *

<<  <   >  >>